الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013

علم ابنك الفساد !! يجلس في صدر المجلس.

إذا عثرت ياولدي على القاضي الفاسد فلقد وجدت كنزاً لايقدر

 بثمن ، فأغدق عليه لأنه عملة نادرة ، ولن يسأله أحد عن 

الثراء المفاجئ . !!?
_____________________________

دخل على والده الفاسد وهو في سرير المرض ، فقال علمني يا أبت في الفساد علماً لا 

أسأل بعده أحداً ، فقال الأب :

ياولدي للفساد قواعد وأصول لابد أن تتعلمها وتراعيها ، والسياسيون يعرفون ذلك 

جيداً ، ألم تستمع إلى خطاب الرئيس هولاند عندما خاطب الفرنسيين بعد فوزه في 

ساحة الباستيل قائلا : ( أعدكم بأن أبتعد عن قواعد الفساد ).
( ١+١=٩٩٩٩ ) ياولدي للفساد حسابات غير تلك التي تعلمتها في المدرسة ، فهذه 

المعادلة قد تكون صحيحة في رياضيات الفساد .
لا تكن وحدك ياولدي ، فالفساد عمل جماعي يتطلب منك مشاركة الفاسدين وتوثيق 

صلاتك بهم ، وابحث عن الرجال الذين يقول الناس عنهم انهم «فوق القانون» 

واشتر شراكتهم بغالي الأثمان ، فهؤلاء يعلمونك مهارات لايملكها غيرهم 

ويختصرون عليك الزمن في صعود سلم الفساد .

لا تكن وحدك ياولدي ، فالفساد عمل جماعي يتطلب منك مشاركة الفاسدين وتوثيق صلاتك بهم ، وابحث عن الرجال الذين يقول الناس عنهم إنهم «فوق القانون» واشتر شراكتهم بغالي الأثمان ، فهؤلاء يعلمونك مهارات لايملكها غيرهم ويختصرون عليك الزمن في صعود سلم الفساد .سترتكب خطأ جسيماً ياولدي إذا كانت قطعتك من 

كيكة الفساد أكبر من قطعة من هو أعلى منك ، 

فكعكعة الفاسدين لا تقطع بالتساوي . كن كريماً 

ياولدي واجعل شعارك ( رب ارزقني وارزق مني ) 

، ففتات الفساد الذي توزعه على الفاسدين الصغار 

سيشجعهم لاحضار مزيد من الكيك الفاسد . الفاسد 

المحترف ياولدي لابد أن يكون قانونياً ، 

فالمختلسون البدائيون يذهبون للسجن والفاسدون 

المحترفون يصفق لهم الناس ويكرمون أمام 

عدسات المصورين . اقرأ يا ولدي سيرة الرئيس 

الإيطالي برلسكوني ، ففي كل مرة يدخل المحكمة 

بتهم الفساد نجده يخرج من الباب الآخر لمقعد الرئاسة من جديد . تعلم يا ولدي كيف 

تخفي أدلة فسادك وتغرقها في أقرب مجرى للسيول ، فإغراق الأدلة أسهل من دفنها .
لا تخف ولا تخجل يا ولدي من الفساد فنحن أكبر امبراطورية في العالم 

، وموجودون في كل حكومة وشركة وحارة ، ولنا دعاة في قلب كل إنسان . أقم 

الحفلات الصاخبة بين القطاعين الخاص والحكومي ، فكلما زاد السهر بينهما زاد 

الفساد ، وتذكر يا ولدي أن كبار التجار أقدر الناس على إفساد كبار المسؤولين . 

الفاسد يا ولدي يكره اسم الرشوة ويحب أن تنعتها بالعمولة ، والحديث الذي يحبه 

الفاسدون ( تهادوا تحابوا ) . لا تنكر الفساد ياولدي ، بل تحدث على أنه كبير لحد لا 

يمكننا إزالته وعلينا التعايش معه . تحدث عن النزاهة ولا تخجل من سب الفساد  . 

قدم خدمات جليلة لمطاردي الفساد ، وخذ معهم الصور التذكارية وأنت مبتسم فقد 

يغضون طرفهم إذا عثروا عليك متلبساً ، سيبحثون ياولدي عن أحجار الفساد ودورك 

أن تدلهم على الحجر الصغير الذي سقط أسفل الوادي ، ثق بأنهم سينشغلون به 

ويتركون الجبل الكبير خلف ظهورهم .

لا تقلق ياولدي من كثرة المؤسسات التي تكافح الفساد بشرط أن تنجح في 

ازدواجيتها وعدم تكاملها . ابحث عن ذراع إعلامي يساعدك ، فالانتهازيون من 

الإعلاميين ياولدي سيختصرون عليك خطوات كثيرة . لا تقلق ياولدي فالفساد مرض 

معدٍ ، وصاحب الدخل المحدود الذي تمر الملايين من تحت يده سيضعف يوماً ما 

مادامت الرقابة ضعيفة . البيروقراطية يا ولدي بيئة رائعة للفساد ، فعن طريق النظام 

اعطل مصالح النزيه ، وبثغرات النظام اخدم مصالح الفاسد . اكثر ياولدي من 

الأنظمة المتراكمة بعضها فوق بعض ، فبينها ينمو الفساد بأمان ، وانشر ثقافة أن 

صاحب الحق لا يصل لمستحقه حتى تمطر سحائبه على من بيدهم الأختام . ابتسم 

ياولدي عندما تشاهد عامل القهوة يأخذ أكياس الشاي لمنزله ، وعندما يضع الموظف 

البسيط الأقلام في جيبه ، فبيئة الفساد تحول الأنقياء مع الزمن . ادرس عميلك 

ياولدي جيداً وتأكد أن مفاتيح المال والمنصب والشهرة تفتح أصعب الأقفال . اقنع 

الشيخ ياولدي أن الحديث عن فساد المرأة أهم أنواع الفساد .

ولا تكترث كثيراً بالمثقفين ياولدي ، فهم قبائل أيديولوجية يتطاحنون بينهم بعيداً عنك 

. وإذا عثرت ياولدي على القاضي الفاسد فلقد وجدت كنزاً لايقدر بثمن ، فأغدق عليه 

لأنه عملة نادرة ، ولن يسأله أحد عن الثراء المفاجئ . احذر ياولدي من «الشفافية» 

فهي بداية النهاية ، ومن يدعون لها يجب محاربتهم والتضييق عليهم . عدوك الأول 

ياولدي هو «الضمير» ، وسيكسب المعركة إن أفاق من غيبوبته .


**************************************

السيّد « فساد » يتألق !


فضة الكلام

محمد الرطيان
الإثنين 13/01/2014

السيّد « فساد » يتألق !
(١)
تراه في أغلب الشوارع العربية يمشي بكامل أناقته ووقاحته، يجر خطواته القذرة ولا تعنيه نظرات المارة المشمئزة منه. أشباهه في أماكن أخرى يعيشون في الزوايا المظلمة.. يتوارون عن الأنظار خوفاً من القانون والنظام والمؤسسات التي تطاردهم في كل زاوية... في الشوارع العربية - ما شاء الله تبارك الله - يمشي مرفوع الرأس، ويضع عينه بعينك، ويقول: هاه.. وش عندك.. ماذا تريد؟.. نعم أنا السيّد « فساد »!
تقول له: يا عمي مو هيك / مو كذا / مش كده / مو چذي.. احترمنا، وتوارى قليلاً عن الأنظار!
يقول لك: سأفعلها أمامك.. وأعلى ما بـ خيلك اركبه!
ولأنه لا يوجد لديك أسطبل ولا خيل تركبها، تكتفي بالجلوس عند زاويتك الصحفية.. وتصرخ!
(٢)
يُدعى إلى كل المناسبات المهمة في المدينة.
يجلس في صدر المجلس.
يصافحه الجميع باحترام وتقدير.. رغم أنهم قبل قليل كانوا يتهامسون عنه بلغة مختلفة.
الغالبية - إلا من رحم ربي - تحاول أن تتقرب منه.
لا تستغرب إذا تم اختياره من جمعية أو مؤسسة : شخصية العام!
لا تستغرب إذا قرأت في اليوم التالي ثلاثة مقالات لثلاثة كتاب تُشيد بحكمة هذا الاختيار.
لا تستغرب إذا شاهدت في أحد شوارع المدينة لوحة إعلانية ضخمة تدعوك لحضور محاضرة مهمة بعنوان " الأمانة " يُلقيها السيّد « فساد » !
له حضور عجيب ومدهش ويدخل في كل تفاصيل الحياة..
في وجوده يتحول المشهد بأكمله إلى لوحة فاسدة..
رائحته تملأ الفضاء: حتى المُصاب بالجيوب الأنفية لديه القدرة على شم الفساد المنبعث من جيوبه المنتفخة.

(٣)
يأتيك أحياناً على هيئة أموال عامة: لا تدري كيف أتت .. لا تعلم إلى أين ذهبت؟
يأتيك أحياناً على هيئة «ولد» ينتمي لعائلة مهمة قرّر، في ليلة غاب فيها القمر والنزاهة والذوق، أن يصبح شاعراً.. فيتم شراء الكلمات والموسيقى وصوت المغني لتحقيق هذا الغرض.. وتصديره لنا كنجم مزيّف.
يأتيك أحياناً على هيئة شخص لا أحد يعرفه، وبعد فترة يقرأ الجميع اسمه ضمن قائمة الأثرياء العرب.
يأتيك أحياناً على شكل «شركة» يتم إنشاؤها خلال ليلة لتحصل في الصباح على المشروع الذي تم تفصيله خصيصاً لها.. قبل ولادتها.
يأتيك على شكل «فزعة» وواسطة تأخذ حق أحدهم لتمنحه لك.
يدخل في الطابور فـ «يلخبطه» وينظمه بفوضاه، يدخل في الذائقة فيفسدها ويفسد الفن قبلها، يدخل في الموروث والعادات فيربك العلاقات الاجتماعية والوعي، يدخل في الجمعية الخيرية فيصيبه شئ من الثراء المفاجئ، يدخل في كرة القدم فتحصل على ركلة جزاء مشبوهة!
يأتيك وقد أطلق لحيته.. فتظنه ورع وتقي.
يأتيك وقد قام بحلقها وحلق شواربه.. فتظنه عصري متحضر.
يلبس القبعة.. يلبس العمامة.. يأتي عاري الرأس: في كل الأحوال هو السيد « فساد » مهما اختلفت ملابسه وملامحه. كل أطباء وجراحي التجميل وخبراء المكياج في العالم لا يمكنهم تجميل وجهه البشع.
يأتيك بألف صورة وصورة.. يتحوّل إلى ثقافة شعبية:
« لك ؟ ولاّ للذئب؟ » .. طبعاً لك، يخسا الذئب!
« إذا سرقت .. اسرق جمل » .. ولا تكن من اللصوص الصغار الذين يكتفون بسرقة الدجاج فقط!

(٤)
الحكمة الفاسدة تقول لكم : فسد فـ سَاد! 

السبت، 19 أكتوبر 2013

الجاهل في مجتمعنا العربي يعيش عيشة راقية !؟









الجاهل في مجتمعنا العربي يعيش عيشة راقية وكلما ازددتَ جهلا كلما ازداد احترام 

الناس لك, وثروتك يبلغ مداها مدى ما بك من  جهل,وعلى الأقل تنام وأنت مرتااااح 

جدااااا جدا ونصائح الجهلاء أفضل من 

نصائح العقلاء,ففي الوطن العربي الجهل 


أسلوبٌ فتاك يفتك  بالعقلاء,ولو اخترت الجهل وطريقه لكنتُ الآن من المرضي


عنهم  ولكنني عاقلٌ من المغضوبِ 


عليهم .. ترنحتُ كثيرا ونزفتُ كثيرا ولم أقبل  أن أنزل عن ظهر حصاني,وكل 


الجهلاء تفوقوا عليّ في كل شيء وهزموني 


في كل المواقع التي كان من اللازم أن أنتصر فيها 



عليهم,ودخلتُ في متاهاتِ كثيرة ولم أخرج من أيٍٍ منها حتى هذا اليوم,ورأيتُ 


أحلامي الكبيرة وهي تصغر في كل يوم حتى



أصبحت  اليوم عبارة عن حلم بكسرة خبز وشربة ماءٍ صافية وحتى هذه يراه 

الجهلاء كثيرة على رجلٍ مثلي أفنى زهرة 


شبابه وهو يلون الحياة  بشتى أنواع الكتابات من الرؤيا الساخرة إلى خلق 


مؤسسات مجتمع مدنية تحكمنا ونعيش على ما 


تقضيه لنا طبيعة الواجب الذي  استلمناه منذ أن بدأنا نتحرك نحو دفع عجلة السلام 


ونشر دين المحبة والسلام في كل أرجاء 


الأرض,وأيدني العقلاء وهم قلة يعدون  على أصابع اليد وأخذتُ بنصيحتهم ورفضت 



رفضا قاطعا أن أأخذ بنصيحة الجهلاء 


الذين يعدون بالآلاف وضحكتُ عليهم ظنا مني بأن  المستقبل السعيد للعقلاء ولكن 


خاب ظني حين رأيتُ الأيام تضحكُ 


للجهلاء,فيا ليت أنني كنتُ جاهلا ويا ليت أني لم أوسم بالرجل 



المثقف والواسع الثقافة,ويا ليت أني لم أتعلم كيف يُمسك الكِتابُ وكيف يُمسكُ القلمُ 


لَكنتُ اليوم رجلا محظوظا كوني أعيش في 


مجتمعٍ يُعظمُ الجهل ويقدس علم الغيب ويعترفُ بالغيب وينكر الظاهر أمامه.

أضعتُ دربي في الطريق الذي لا أعرف إلى أين نهايته, في أغلب الأحيان كنت أقفُ 

شاخص البصر لا أتحرك من شدة دهشتي


من هذا  العالم الذي يحيط بي من كل النواحِ والاتجاهات ووقفتُ في منتصف


الشارع وأمسكتُ بأقرب عمود كهرباء وأنا 


أرتجفُ خوفا ورعبا..



وتوسعت جراحي كل يوم بمقدار كيلو متر واحد حتى أصبح جرحي بمساحة الوطن 


العربي الكبير.. تهتُ وأنا في طريقي إليكم


سلسلة المفاتيح التي أفتح فيها كوني الخاص الذي أعيش في داخل أعماقه 


ونازعتني الذكريات بين الماضي والحاضر وهذا


إيشدني لى الماضي وهذا يشدني إلى الحاضر والمستقبل يغور في عينيَ بعيدا لا 


أعرفُ له أي مدى.. أرقتني الأسئلة الكثيرة  


وقلة الأجوبة عليها ومنذُ البداية لم أستمع لنصيحة الجهلاء الذين نصحوني بترك 


الطريق الذي أمشي عليه لأتحول إلى


طريقهم .. خدعتُ نفسي  بالأمنيات وبالتأملات البعيدة المدى...أضعتُ نفسي منذ 


البداية وها أنا ذا أُرثي لحالي فمن الذي


سترثي لي شبابي ؟ سؤالُ يحفرُ في أعماقي...أضعتُ حيويتي وشبابي وأنا أركض 


بين الكُتبِ وبين المكتبات...نزعتُ عن


نفسي بريق الشباب وحرمتُ نفسي من طيبات الحياة ولم أزل أعاني من آلام الحياة 


ومن آلام الدرب الطويل الذي وضعتُ عليه


أقدامي منذ أن وعيتُ على هذه الحياة وكل شيءٍ قد ضاع مني.

صارعت الرياح وموج البحر مثل رواية (الشيخ والبحر), وصارعتُ غبار الصحراء 

الذي ملأ لي صدري وشعر 


رأسي, وأطلقت يداي للريح  وكشفتُ صدري للرياح وعرّضتُ وجهي لأشعة الشمس 


ولو استمعتُ منذ البداية لنصيحة


الجهلاء  ما كان هذا الحال حالي ولَما كانت 



أوضاعي مثل هذه الأوضاع وتوهمتُ على نفسي كثيرا وأصبتُ بالغرور وتخيلتُ 


نفسي ماردا وكنت أتوقع نهايات سيئة جدا 


للجهلاء غير  أن نهاية الجهلاء كانت وما زالت أفضلُ من نهايتي وحياتهم أفضل 


من حياتي وملابسهم أنظف بكثيرٍ من 


ملابسي وأهم شيء أنهم مرتاحون من عناء التفكير.



...لبستُ كثيرا من الثياب العتيقة والتي لا يلبسها إلا المتشردون ولبس الجهلاء 


ثيابا جديدة باهظة الثمن التي بان جمالها


على  أجسادهم واتخذتُ من ألوان قوس قزحٍ مسربا للحزن وللفرح..شارفت عدة 


مراتٍ على الموت ورأيتُ الموت أمامي


عدة  مراتٍ ,ضحكتُ كثيرا وبكيتُ كثيرا ودائما أبكي في الوقت الذي من اللازم به


أن أضحك وأن أفرح...غنيت على نفسي


وصعدت إلى قمة الجبل ومن  هناك رميت بجسدي والتطمتُ بالأرض بسرعة 


جنونية ولم أرَ إنسانا مثلي غامر بحياته وأضاع


زهرة شبابه وهو يبحث عن المعرفة والحقيقة ويا ليت أنني عرفتُ الحقيقة بالكامل 


حتى الجزئيات البسيطة من الحقيقة أوجعت


لي رأسي فكيف بي إن اكتشفتُ الحقيقة برمتها !!؟..



ولم أجد رجلا مثلي عاف الدنيا وجراحها والدنيا لم تشبع بعد من مص دمائه ومص 


زهرة شبابه.
والجنون مرحلة إلزامية في حياتي ودائما ما يكون جنوني سببا لسعادتي وكنتُ 

أعتقد بأن عقلي سيطعمني العسل والخبز 


والماء ولكن  عقلي أطعمني للغربان الجائعة وأطعمني للجهلاء الذين لم أسمع 


نصائحهم,لقد قالوا لي : مالك وللمتنبي ؟


ومالك للمعري؟ ومالك لسقراط .. وللأساطير القديمة ؟ ومالك وللفكر العربي ! يا 


رجل عش يومك وحياتك ولا تلتفت للفلسفة


ولسوف يعطيك ربك فترضى...



آهٍ لو أنني استمعتُ لنصيحة الجهلاء الذين يُعدون الآن أسيادا كبارا من أسياد البلد 


... أمضيتُ كثيرا من الوقت وأنا أنضم 


بالكلام الفارغ الذي لا يقدم ولا يؤخر شيئا, تعلمتُ من الأصم ومن الأبكم ومن 


الثرثار وها أنا أندمُ كثيرا على نصيحة الجهلاء 


التي لم أأخذ بها بتاتا في الوقت الذي لم يتعلم فيه الأبكمُ مني شيئا لا هو ولا 


الأصم,حتى الجاهل سخر مني ومن ثقافتي وها 


هم كل الجهلاء في ساعات الذروة وفي أوقات الفراغ يتسلون بالحديث عني 


ويؤلفون عني كثيرا من النُكات والطرائف 


الجميلة ... الدنيا غريبة ومخيفة ومفجعة وفي بعض الأحيان مفزعة جدا ورهيبة 


جدا..

والليل أطول مما كنتُ أتوقعه والطريق طويلة جدا ورحلة العذاب تمتد في كل يوم

ولا أعرف نهايتها أو كيف أهرب منها 


وأتحول منها إلى طريقٍ آخر...والسماء مزروعة بالنجوم والأرض تملأها الجثث 


وقصة الأمس لم يزل كاتبها يبحث لها عن 


نهايةٍ سعيدةٍ  لتكتمل رواية ألفُ ليلةٍ وليلة.


http://www.ahewar.org/debat/print.art.asp?t=0&aid=351397&ac=1

الأحد، 13 أكتوبر 2013

رسالة إلى أحفاد أحفادي : حياتكم ستكون دون نفط ولا ماء ..

عندما تقاعدت من العمل في نهاية عام 1996، ألَّفت كتيِّبًا يقع في 340 صفحة من الحجم المتوسط وعنونته "رسالة إلى أحفادي". تضمن الكتاب مختصرًا لسيرة حياتي، ونبذًا قصيرة عن مختلِف أوجه الحياة، وبعض التقاليد السائدة آنذاك في زمن طفولتنا التي سبقت عصر القفزة أو الطفرة النفطية. وكان الهدف من الكتاب عرض أحوالنا السابقة ومقارنتها بالأحوال اللاحقة، لعل ذلك يكون دافعًا للأجيال القادمة لاتخاذ العِبَر وبذل الجهد من أجل مستقبل زاهر. وهذه ليست دعاية وترويجًا للكتاب، فقد نفدت النسخ القليلة المطبوعة. وفي هذه المناسَبة أود توجيه رسالة شخصية إلى جيل لم يولد بعد، أو لعلها رسالة اعتذار للأجيال المقبلة عما بدر منا، نحن جيل الطفرة، من تعدٍّ صارخ على حق من حقوقهم وتقصير فاضح في إعداد آبائهم لتحمل مسؤولية نقل الأمانة التربوية من جيل إلى الذي يليه. فقد انتقل جيلنا من حال كان يسودها شح كبير في الموارد المالية ونقص حاد في مصادر المعيشة وغياب تام لوسائل النقل الحديثة. وحتى التعليم النظامي الحديث لم يكن له مكان في حياتنا آنذاك. وفجأة، ودون سابق إنذار، وجدنا أنفسنا نعيش فوق بحيرات من النفط الخفيف والثقيل والمتوسط وكميات هائلة من الغاز الحلو والمر. وهل تريدون منا يا أولادي سماع الحقيقة؟ لم نكن نحلم بوجود هذه الثروات الثمينة المخفية تحت أرضنا الصحراوية، بعيدًا عن أعين الطامعين والحساد. وكما سوف تعلمون، فقد وفقنا الله ويسر لنا أمور استغلالها والاستفادة منها في العصر المناسب وفي الوقت المناسب، حتى أن حياتنا ومعيشتنا أصبحت مرهونة بطول بقائها. ويا ليتها تكون دائمة، تمدنا بكل ما نحتاج إليه من الطاقة والدخل المتنامي مدى الدهر، فنريح ونستريح. ولكنها، وعلى الرغم من ضخامة كمياتها بالنسبة لعدد سكان بلادنا وما هو موجود عند غيرنا من الشعوب، فهي مع الأسف ثروة ناضبة، ولها عمر محدود. أي أن لهذه الثروة الكبيرة نهاية، كما هي الحال مع كل شيء على وجه هذه الأرض، فالبقاء لله جَلَّ شأنه.
وكنا، ونحن في مقتبل العمر، نسمع من أهلنا أن الشيء الذي لا تبدأه بذكر الله وبسم الله الرحمن الرحيم، تُنزع منه البركة. فلو كان بين يدي أحدنا طعام أو شراب ولم يذكر اسم الله عليه قبل البدء في أكله أو شربه، فقد ينتهي قبل أن تشبع أو تروَى منه، وكأن أحدًا يشاركك في تناوله، أو هكذا كنا نظن كجزء من تربيتنا. ونحن لا نذكر أننا، قبل بدء إنتاج نفطنا، قلنا "ما شاء الله وبسم الله الرحمن الرحيم". ونخشى أن تكون البركة في هذه الثروة قد طارت أو نُزِعت منها، وأنها ربما تنضب أو تنتهي قبل أن نكون قادرين على العيش من دونها. وأصبحنا، أو على الأقل النابهين منا، نخشى على مصير أولادنا وأحفادنا الذين يعيشون عصرنا، فما بالكم أنتم يا أحفاد الأحفاد؟ وليس من الضروري أن يكون نزع البركة معنويا. فقد يكون النقص أو سرعة النضوب ناتجا عن إسراف في الإنتاج والاستهلاك، وهو أمر واقع ولا سبيل لنفيه أو إنكاره. فنحن أمة مسرفة إلى حد الجنون، ليس فقط في الإنتاج والاستهلاك بل في جميع شؤون حياتنا. ولنضرب لذلك مثالا بسيطًا من صميم واقعنا. فمن المعلوم لدى الجميع أن الماء شحيح جدًّا وسط هذه الصحراء المجدبة. فلا أنهار ولا بحيرات وندرة كبيرة في نزول المطر. والمياه الجوفية التي نستهلكها منذ القِدم كان قد تم تخزينها في الطبقات الأرضية منذ عشرات الآلاف من السنين، في عصر نزول الأمطار بكثافة هائلة. فهي مياه جوفية ومحدودة وتكاد لا تستقبل أي كميات إضافية جديدة بسبب شح نزول الأمطار خلال السنوات المتأخرة. وربما أنكم تتوقعون، والحال هذه، أن نكون أكثر واقعية وأكثر وعيًا فنقنن استهلاكنا من الماء من أجل إطالة عمره وإبقاء نصيبكم منه. أبدًا أيها الأحباب وفلذات الأكباد. بل تصرفنا عكس ذلك تمامًا، كما فعلنا مع غيره من المداخيل المؤقتة. فلم نسرف قليلاً بل كثيرًا وكثيرًا. ولقد وصل استهلاكنا للماء على ظهر هذه الصحراء إلى ضعفي المعدل العالمي! مع العلم أن معظم دول العالم تعيش على شواطئ البحيرات أو ضفاف الأنهر، والبعض الآخر تهطل عليهم أمطار غزيرة تكون أحيانًا سببًا لحدوث فيضانات مدمرة. ومن الصعب علينا أن نتخيل حياتكم دون نفط ولا ماء، ولا مفر ولا ملجأ إلا إلى الله. ونحن نعلم ونعترف أننا سنكون سبب شقائكم ونكد حياتكم. وعزاؤنا أنكم لن تستطيعوا محاسبتنا في هذه الدنيا الفانية، وإن كنا نستحق أكثر من الملامة والتعنيف. فقد ارتكبنا في حقكم من الأخطاء ما لا يعلمه إلا الله. وقد كان بوسعنا، لو تغلبت إرادة الخير في نفوسنا، الاقتصاد في جميع شؤون حياتنا ومعيشتنا وعدم المساس بنصيبكم من الثروات الطبيعية. وكان باستطاعتنا يا أيها الأحباب أن نكون قدوة حسنة لأولادنا بالجد والعمل والإنتاج، وهم بدورهم يحملون الرسالة والمسؤولية لأولادهم وينقلونها من جيل إلى جيل.
لقد حاولنا ثم حاولنا، وما زلنا حتى كتابة هذه السطور نحاول، أو بالأحرى نتحدث، عن العمل على إيجاد مصادر للدخل من باب التنويع حتى لا يكون مصير أمتنا حاضرها ومستقبلها مرتبطا بمصدر ناضب، وكذلك من أجل الرفع من شأننا بين الأمم الحية التي لا ترى في وجودنا إلا الاتكالية والاعتماد على النفط. ونحن نعلم أن لدينا المقومات ولدينا الرغبة في إنقاذ مستقبلنا من المصير المجهول. ولكن تنقصنا قوة الإرادة وحسن التصرف وبُعد الرؤية.

الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

شرعنة تحقير المرأة


    قبل الدخول في موضوع اليوم أرجو التفريق مسبقا بين المحرم الديني، والمحرم الاجتماعي.. بين الفقة الشرعي، والموروث الشرعي.. بين النصوص الشرعية، وبين ما فهمه أسلافنا من النصوص الشرعية.. بين الفتوى المعتمدة على نص صحيح ومباشر، وبين الرأي الشخصي للفقية وظروف العصر الذي ظهر فيه..
فالقسم الأول مُلزم في معظمه، في حين لا ينطبق ذلك على القسم الثاني كونه خاصاً بأصحابه ويمكننا الاختلاف معه..
فقوله تعالى "للذكر مثل حظ الأنثيين" أو "الرجال قوامون على النساء" مثلا نصوص شرعية صريحة نسلم بها ونتوقف عندها.. ولكن حين يستشهد بها أحدهم لتحقير المرأة أوالتقليل من شأن الأنثى فمن حقنا أن نختلف معه لأنه حّمل الآيات مالا تحتمل ولوى أعناق النصوص لتتفق مع رأيه وما تربى عليه.
وللأسف الشديد حين تتأمل تراثنا الفقهي تجد آراء واستنتاجات كثيرة (لا تعتمد على نصوص شرعية) تهدف لتحقير المرأة ونزع حقوقها والتقليل من شأنها في حين وضع الله الجنة تحت أقدامها.
ولو كانت هذه الآراء والأحكام مستنبطة من نص شرعي لقلنا "آمنا بالله" وتوقفنا عن الحديث في هذا الموضوع. ولكن حين تنتفي النصوص الشرعية يصبح من حقنا رفض حتى آراء الفقهاء الأربعة في مسألة مثل:"عدم إلزام الزوج بعلاج زوجته أو دفع تكاليف مرضها لأنها مثل المتاع المستأجر الذي لا يلزم المستأجر إصلاحه"..
فأحكام كهذه متأثرة بثقافة أصحابها والظروف السائدة في عصرها وتعتمد في أفضل الظروف على قياسات خاطئة تنطبق على الحمير والبغال وأثاث المنزل والدار المستأجرة.. خذ كمثال ماجاء في كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي: "ولا يجب على الزوج شراء الأدوية ولا أجرة الطبيب كونه يراد بذلك إصلاح الجسم (والجسم مستأجر وبالتالي) لا يلزمه كما لا يلزم المستأجر بناء مايقع من الدار وكذلك أجرة الحجام والفصاد".
ونفس هذا الحكم نسمعه من الجوزي في أحكام النساء، والبهوتي فقية الحنابلة المصري في كتاب النفقات، والامام الشافعي في قوله "إن كانت النفقة للحبس فهي محبوسة وان كانت للجماع فالمريض لايجامع فأسقطت لذلك النفقة" أما عبدالباري الزمزمي فقال في فقه النوازل بعدم إلزام الزوج بشراء كفن زوجته (ولكن يلزمه ذلك في حال جامعها بعد وفاتها)!!
.. وحين تتعمق في هذه الآراء تكتشف أنها لا تستند على نصوص شرعية مباشرة بل من توجهات مجتمعية وثقافة ذكورية تحتقر المرأة وتنظر للأنثى كجسد مستأجر (وليست شريكة حياة).. والمفارقة أنك كلما تعمقت في الكتب التي وردت فيها، اكتشفت تناقضات تالية تقع فيها .. فالفقهاء الذين أفتوا بعدم إلزام الرجل بعلاج زوجته (وقالوا إن ذلك يلزم والدها كونه مالكها الأصلي) يعودون ويعطون الزوج الحق في منع زوجته من زيارة والدها أو حتى حضور جنازته (وفي هذا تقديم لحق المستأجر على المالك يناقض ويعاكس الحجة التي اعتمدوا عليها في مسألة العلاج)!!
أما ابن قدامة الذي أكد في كتابه المغني على أن المرأة متاع مستأجر من زوجها فيعود ويقول في نفس الكتاب: ولا يُقتل الرجل في امرأته لأنه ملكها بعقد نكاح كما لايقتل الرجل في بهيمته .. وهنا استعمل كلمة "ملكها" بدل "استأجرها" لتبرئة الزوج في حال قتلها (وهذا ليس فقط قياساً فاسداً؛ حسب تعبير الفقهاء، بل وإلغاء لحد شرعي منصوص عليه في القرآن والسنة)!!
.. تمنيت فعلا لو كانت مساحة المقال تكفي لاستعراض آراء أخرى مماثلة وردت في أمهات الكتب الفقهية المعروفة.. ولكن يكفي التذكير بأن معظمها لا يعتمد على قال الله وقال الرسول بل ثقافة تجنح للإقلال من منزلة الأنثى وانتقاص حقوقها مقارنة بالرجل!
.. لا داعي لتذكيركم مجددا بالفروقات التي ذكرتها في بداية المقال.. ولا داعي أيضا لتذكيركم بأن المرأة مضطهدة حتى في المجتمعات غير الإسلامية.. ولكن أن تكون مضطهدة ونحاول نحن شرعنة ذلك فهذا والله إساءة للدين قبل المرأة سيحاسب عليه أصحابه يوم القيامة!!
فهد عامر الأحمدي
_______________________________________
وما ينطق عن الهوى

ومما يدل على أن الرسول لا ينطق عن الهوى في شأن القرءان فقط، وما دون ذلك فهو بشر مثلنا، يصيب ويخطئ ويعاتبه الله، فكما ذكرنا هناك فرق بين مقام الرسولية ومقام النبوة، وتأمل قوله تعالى: 

{ عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ }التوبة43؛ 

فهل عفا عنه الله بينما كان هو الذي أوحى إليه بأن يأذن لهم، وحين أذِن النبي لمن استأذنوه دون أن يتبين فإنه بذلك يكون قد أذِن لهم من واقع عاطفي وليس من واقع موضوعي بناء على بينة، لذلك كان العتاب من الله، أرى بأن قليل من الإدراك السوي قد ينفع هذه الأمة إن استخدمت عقلها.

كذلك قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }التوبة80.

إنما يعبر استغفار النبي عن هواه أن يغفر الله لهم، فنزلت الآية مخالفة لهواه ومنطوقه ولتبين أيضا بأن السنة القولية ليست وحيا، بل أحيانا تخالف الوحي السماوي.

وهل حين يعاتب الله جل جلاله رسوله قائلا: {يَا أيها النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }التحريم1

ألا يعبر ذلك عن أنه نطق بالهوى في غير القرءان، وأن آية وما ينطق عن الهوى كانت تخص القرءان فقط؟.

فلو كان الرسول لا ينطق عن الهوى ما أذن بذلك الإذن الذي عاتبه الله فيه، وما استغفر للمنافقين، وما أمتنع عن أكل العسل إرضاءا لبعض زوجاته، وهكذا يجب أن نكون آكدين من أن كثيرا من توجهاتنا تحتاج لمراجعة حتى لا نضل ونقع في الإشراك بالله.

وعلى ذلك يمكن للنبي أن ينطق عن الهوى ويقول [أحبك يا عائشة]، أو في أمر التداوي أو غيره، لكن لا يمكن للرسول أن ينطق عن الهوى في أمر القرءان.

وكان من نتاج تأسيسهم الفقه على أنه لا ينطق عن الهوى أن اتخذ الفقهاء من الحديث النبوي القولي مصدرا من مصادر التشريع باعتباره وحيا من السماء وباعتباره لا ينطق عن الهوى، مما أدى لفساد منظومة التفسير للقرءان ومنظومة الفقه، وذلك لوجود أحاديث تتصادم بالكلية مع آيات كتاب الله، فاخترع لها الفقهاء ما يسمى [علم الناسخ والمنسوخ] ليضمدوا بعضا من نزيف التناقض الذي وقعوا فيه، وحتى يقولوا بأنه لا تناقض بين الآية والحديث النبوي.

ولأهمية الأمر، وحتى لا نُشْرِك باسم الفقه، إليكم ما ورد ببعض التفاسير المعتدلة والتي تقرر بأن معنى [وما ينطق عن الهوى] أي ما ينطق عن الهوى في شأن القرءان فقط.

* تفسير تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ) مصنف ومدقق. 
{ وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } لم يتكلم بالقرآن بهوى نفسه { إِنْ هُوَ } ما هو يعني القرآن { إِلاَّ وَحْيٌ } من الله { يُوحَىٰ } إليه جبريل حتى جاء إليه وقرأه عليه { عَلَّمَهُ } أي أعلمه جبريل { شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } وهو شديد القوة بالبدن.

• تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق وقوله: { إن هو إلا وحي يوحى } يراد به القرآن بإجماع، والوحي: إلقاء المعنى في خفاء، وهذه عبارة تَعُمّ الملك والإلهام والإشارة وكل ما يحفظ من معاني الوحي.

• وفي المنتخب في تفسير القرآن الكريم، طبعة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، بالأزهر يفسر الآيات وما يصدر نطقه فيما يتكلم به من القرءان عن هوى نفسه. وما القرآن الذي ينطق به إلا وحي من الله يوحيه إليه.

فهل يظل المسلم يرتوي من ميراث الآباء بلا تعقل، وهل نظل نسمع للدعاة بلا مناقشة، وهل نظل نعطل عقولنا بلا سبب، أتعلمون بأنه لو كان النبي لا ينطق عن الهوى في كل أحواله معناها أنه هو الله، لأنه لا إرادة له ولا بشرية في كل أقواله، فهذا منهج من ينتهون بأن كل ما ينطق به الرسول إنما هو وحي ولا ينطق عن هوى، فهم ينزعون عن النبي بشريته.

وهل نظرية ما ينطق عن الهوى تعني أن نضع الحديث النبوي في نفس مقام القرءان فنستخرج منه الأحكام، وهل نعتمد بتلك النظرية أن الحديث النبوي صالح لكل زمان ومكان كالقرءان، إن تلك النظرية هدمت علم الفقه لاعتماد الفقهاء تلك المعاني المنحرفة عن مرمى كتاب الله لأجل تعظيم نابع عن محبة للرسول .

وأنا لست ضد محبة الرسول لكني ضد انحراف البعض في تلك المحبة والانحراف بها، وبالتالي الوقوع في إشراك رسول الله مع الله في الحكم بدعوى السنن المكملة للقرءان، نعم أفهم بأن السنة العملية هي التفسير العملي لكتاب الله، لكن لابد من وقفة مع السنة القولية لتنضبط مع كتاب الله، فيجب معايرتها عليه.
((مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وكاتب إسلامي))
__ __ __ __ __ __ __ __ __ __
هل كسبت خيرا في إيمانك

أسمع كثيرا من الناس يقولون عبارة أكرهها من كل قلبي وهي [كلنا مسلمين]، بل تجد أغلب من يقول هذه العبارة هم من المتفلتين شرعيا والمنحدرين فقهيا، فهل يا ترى تنفعك لا إله إلا الله القديمة التي ورثتها عن أبويك بينما أنت تصلي بالكاد، أو لا تفعل شيئا غير الصلاة، بينما سلوكياتك كلها نابعة من المخازن العمومية لإبليس.

هل يمكن أن تقرأ سورة الإخلاص [ قل هو الله أحد] ثلاث مرات بينما أنت غير مخلص ثم تتصور بأن الله قد كتب لك ثواب قراءة كل المصحف؟،
وما هي فائدة قراءة كل المصحف لمن لا يعمل بأحكامه ولا يوطنه في نفسه، إن هذه المعتقدات التي تلتهم عقلك فتتصور بأنك إن قلت [سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم] حطت خطاياك وإن كانت مثل زبد البحر، فهذه لعبة قمار وليس الأمر أمر دين.

فلسنا نقامر مع الله، والله ليس بغافل عن ضمائرنا، وكم من الوقت نستهلكه في ذكره وطاعته، وكم من الوقت يستهوينا خارج طاعته.
ولقد ارتبط العمل الصالح مع الإيمان باستمرار فتجد الله دوما يقول [الذين آمنوا وعملوا الصالحات].

وحتى عمل الصالحات يجب أن يكون خالصا لوجهه كي يكون عمل صالح ليقبله الله، فإن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم؛ فالقتل في سبيل اعتلاء كرسي حكم الوطن ليس عملا صالحا.

وإياك أن تتصور بأن الصلاة التي تؤديها أنها من العمل الصالح، فهي ليست من الأعمال الصالحة التي عناها القرءان، إنما هي من أعمال الاستقامة، فإن أديتها بإخلاص نلت ثمرتها لأنها تنهاك عن المنكر، وتدبر قوله سبحانه:

{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }العنكبوت45.

ولابد أن تكون حياتك كلها ملؤها الإخلاص، فالإخلاص لله هو الركيزة الأساسية للقبول حيث يقول تعالى:

{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }البينة5.

وأود أن يلاحظ القارئ الواع أن الآية السابقة فضلا عن أنها تحوي حصر الأمر كله في الإخلاص لهذا الإيمان الذي يدعيه الكثيرون، فإنها تتناول أمر العبادة وتفصلها فصلا تاما عن عن الصلاة، فكثير من الناس يصلون لكنهم يصلون بقلوب لا إخلاص فيها، ويصلون بلا خشوع لله، لكنهم يفعلونها كمن يؤدون الطقوس ولا يفهمون منها خردلة ولا يقومون بتحسين صلاتهم لله.

لذلك فتجدهم لا يستفيدون من ثمرة الصلاة في النهي عن الفحشاء والمنكر رغم أنهم يستديمون على الصلاة، وليس معنى هذا أن أجد أحدكم ممن لا يصلون الصبح في موعده، أو لعله لا يصلي أصلا، يقفز لمخيلته جماعة الإخوان المسلمين ويضع تلك الصفات الذميمة فيهم فهذا من فساد القلوب أن تظن السوء في الآخرين.

وعودة للإيمان وفساد القلوب مهما بدت القوالب حكيمة، حيث لابد أن تكون على منهاج الله بإخلاص، وفي ذلك يقول تعالى:

{هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ }الأنعام158.

فهل لاحظتم أن كل الإيمان بغير الله لا ينفع، وكل إيمان بالله بغير أعمال صالحة لا ينفع أيضا، فالأنفس التي لم تكسب في إيمانها خيرا ستدخل النار حتما مع تلك الأنفس التي آمنت بغير الله، لذلك عليك بالإخلاص لله وتنفبذ تعاليمه، ودعك من القدح في الآخرين فلربما كانوا أفضل منك.

ومما عاينته من سلوكيات من يقولوا [كلنا مسلمين] أن نجدهم يقولون على الإخوان بأنهم [خرفان]، وتجد كثير من الناس ومنهم الإخوان يقولون على رئيس الجمهورية بأنه [طرطور]، أو أن السيسي حيوان،
وتجد قرية بأكملها تخرج في مظاهرة بالحمير تعريضا بالسيسي، بينما هؤلاء وهؤلاء جميعا ذاهلون عما يعلمونه من قوله تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }الحجرات11.

فهل تحب أن تحشر مع الظالمين؟، أرأيت كيف أنك غير مخلص في إيمانك وأنك تغتر بإسلامك، بينما أنت لا تقوم بتنفيذه، وتتصور بأن لا إله إلا الله القديمة مع بعض الصلوات سينفعونك، لكنك ها أنت قد خسرت اختبار الدنيا في عدم التنابز بالألقاب، وفي ظن السوء بالناس ورجمهم بغير علم يقيني، أو لعلك من المجرمين القتلة من هذا الفريق أو ذاك، فهلا استغفرتم ربكم؟، وهلا عملتم بتعاليم دينكم، وهلا أخلصتم لربكم؟.

أرجو ألا يستسهل أحدكم الأمر، فحساب الله لأعمالنا بالذرات يفيدك حتما..... لكنه قد يجعلك تخسر كل شيئ إن لم تكن على خلق إسلامي قويم.....لذلك بعث الله إلينا رسول على خلق عظيم وأمرنا بالتأسي به واتباعه.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وكاتب إسلامي