مما أعجبني :
يصنفه أصدقاؤه بأنه يبحث عن المشاكل، فيما هو يرى غير ذلك ويتهم الأسرة بأنها وبشكل غير مباشر ودون قصد تصنع أبناء يمكن لك هضم حقوقهم.
ويفسر هذه الجزئية قائلا: «في البيت ومنذ ولادة الطفل يتم هضم حقوقه أو يتم تحويله إلى كائن سلبي لا يدافع عن حقوقه، لأنه تم تعليمه بأن من لا يسمع الكلام ويحاول الاعتراض شخص سيئ».
رغم دفاعه المستميت لإقناع أصدقائه بأن ثمة فرقا بين «راعي المشاكل» ومن يدافع عن حقه، إلا أن أقرب أصدقائه يؤكد أنه «راعي مشاكل»، لكنه طيب ويقف مع الحق، وأن وقوفه هذا جعله يخسر كثيرا، مع أنه كان يمكن له أن يتنازل قليلا في أمور تافهة.
يروي «راعي المشاكل» إحدى حكاياته ليؤكد أنه ليس كذلك قائلا: «ذات مرة كنت بالمطار واقفا في الطابور أمام «الكونتر»؛ لأحصل على بطاقة دخول الطائرة وأضع حقيبتي، حين جاء دوري ووضعت حقيبتي على الميزان، جاء رجل ليتحدث مع الموظف، ثم قدم له التذاكر، فسأله الموظف: هل لديك حقائب؟.
التفت الرجل لحامل الحقائب الواقف بعيدا، وأشار له بيده، في نفس الوقت طلب الموظف أن أنزل حقيبتي، فرفضت وقررت أن لا أحد سيمر قبلي، حاول الموظف بأن يهددني بعدم السفر، فأكدت له أن لا أحد سيمر من هذا «الكونتر» قبلي.
فتدخل من خلفي في محاولة لإقناعي بأن الأمر لا يستحق، وأننا جميعا سنذهب بنفس الرحلة، وأن هناك متسعا من الوقت.
أخبرته أنه يمكن له التنازل عن دوره لهذا اللص الذي يريد سرقة الأدوار، فيما أنا لن أفعل هذا.
فحاول إقناع «سارق الأدوار» قائلا له: «خلك أنت العاقل وتعال قدامي»، فشكره على أخلاقه الحميدة قائلا: «عيال الحمايل يعرفون من تصرفاتهم».
لم أكترث لما قاله، في نفس الوقت رضخ الموظف، وأعطاني تذكرة الصعود، وهو يقول: «شكلك تحب المشاكل».
داخل الأتوبيس الذي سيقلنا للطائرة قال لي سارق الأدوار: «شفت كلنا طلعنا ولا أحد تأخر»، فرد عليه من أعطاه دوره:«الله يلعن الشيطان هو سبب المشاكل».
كدت أن أقول لهم: ما دخل الشيطان هنا، وهل من يدافع عن حقه، يعني أن الشيطان لعب عليه»؟.بيد أن الإحباط بداخلي كان عاليا، فأصدقائي يرون أني «راعي مشاكل»، وبالتأكيد البقية بما فيهم «سارق الأدوار» سيصفونني بنفس الطريقة، ولكن هل من المفترض أن أتخلى عن حقي لأصبح عاقلا؟.
ويفسر هذه الجزئية قائلا: «في البيت ومنذ ولادة الطفل يتم هضم حقوقه أو يتم تحويله إلى كائن سلبي لا يدافع عن حقوقه، لأنه تم تعليمه بأن من لا يسمع الكلام ويحاول الاعتراض شخص سيئ».
رغم دفاعه المستميت لإقناع أصدقائه بأن ثمة فرقا بين «راعي المشاكل» ومن يدافع عن حقه، إلا أن أقرب أصدقائه يؤكد أنه «راعي مشاكل»، لكنه طيب ويقف مع الحق، وأن وقوفه هذا جعله يخسر كثيرا، مع أنه كان يمكن له أن يتنازل قليلا في أمور تافهة.
يروي «راعي المشاكل» إحدى حكاياته ليؤكد أنه ليس كذلك قائلا: «ذات مرة كنت بالمطار واقفا في الطابور أمام «الكونتر»؛ لأحصل على بطاقة دخول الطائرة وأضع حقيبتي، حين جاء دوري ووضعت حقيبتي على الميزان، جاء رجل ليتحدث مع الموظف، ثم قدم له التذاكر، فسأله الموظف: هل لديك حقائب؟.
التفت الرجل لحامل الحقائب الواقف بعيدا، وأشار له بيده، في نفس الوقت طلب الموظف أن أنزل حقيبتي، فرفضت وقررت أن لا أحد سيمر قبلي، حاول الموظف بأن يهددني بعدم السفر، فأكدت له أن لا أحد سيمر من هذا «الكونتر» قبلي.
فتدخل من خلفي في محاولة لإقناعي بأن الأمر لا يستحق، وأننا جميعا سنذهب بنفس الرحلة، وأن هناك متسعا من الوقت.
أخبرته أنه يمكن له التنازل عن دوره لهذا اللص الذي يريد سرقة الأدوار، فيما أنا لن أفعل هذا.
فحاول إقناع «سارق الأدوار» قائلا له: «خلك أنت العاقل وتعال قدامي»، فشكره على أخلاقه الحميدة قائلا: «عيال الحمايل يعرفون من تصرفاتهم».
لم أكترث لما قاله، في نفس الوقت رضخ الموظف، وأعطاني تذكرة الصعود، وهو يقول: «شكلك تحب المشاكل».
داخل الأتوبيس الذي سيقلنا للطائرة قال لي سارق الأدوار: «شفت كلنا طلعنا ولا أحد تأخر»، فرد عليه من أعطاه دوره:«الله يلعن الشيطان هو سبب المشاكل».
كدت أن أقول لهم: ما دخل الشيطان هنا، وهل من يدافع عن حقه، يعني أن الشيطان لعب عليه»؟.بيد أن الإحباط بداخلي كان عاليا، فأصدقائي يرون أني «راعي مشاكل»، وبالتأكيد البقية بما فيهم «سارق الأدوار» سيصفونني بنفس الطريقة، ولكن هل من المفترض أن أتخلى عن حقي لأصبح عاقلا؟.
88888888888888 888888888888888
العذاب ...ليس له طبقة
الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب
وساكن الزمالك الذي يجد الماء والنور والسخان والتكييف والتليفون والتلفزيون لواستمعت إليه
لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم والسكر والضغط
والمليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به، يشكو الكآبة والخوف من الأماكن المغلقة والوسواس والأرق والقلق
والذي أعطاه الله الصحة والمال والزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة ولا يعرف طعم الراحة
والرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء وانتصر في كل معركة
لم يستطع أن ينتصر على ضعفه وخضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين وانتهى إلى الدمار
والملك الذي يملك الأقدار والمصائر والرقاب تراه عبدا لشهوته خادما لأطماعه ذليلا لنزواته
وبطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات
كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعد الفوارق
وبرغم غنى الأغنياء وفقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة والشقاء الدنيوي متقارب
فالله يأخذ بقدر ما يعطي ويعوض بقدر ما يحرم وييسر بقدر ما يعسر
ولو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه ولرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية
و لما شعر بحسد ولا بحقد ولا بزهو ولا بغرور
إنما هذه القصور والجواهر والحلي واللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب
و في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات والآهات الملتاعة
والحاسدون والحاقدون والمغترون والفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق
ولو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق ولو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب
ولو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس ولسعينا في العيش بالضمير ولتعاشرنا بالفضيلة
فلا غالب في الدنيا ولا مغلوب في الحقيقة
والحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر ومحصولنا من الشقاء والسعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات
فالعذاب ليس له طبقة وإنما هو قاسم مشترك بين الكل
يتجرع منه كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف المناظر وتباين الدرجات والهيئات
وليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة وشقاء وإنما اختلاف مواقف
فهناك نفس تعلو على شقائها وتتجاوزه وترى فيه الحكمة والعبرة
وتلك نفوس مستنيرة ترى العدل والجمال في كل شيء وتحب الخالق في كل أفعاله
وهناك نفوس تمضغ شقاءها وتجتره وتحوله إلى حقد أسود وحسد أكال
وتلك هي النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله
وكل نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر.. حيث يكون الشقاء الحقيقي.. أو السعادة الحقيقية
فأهل الرضا إلى النعيم وأهل الحقد إلى الجحيم
أما الدنيا فليس فيها نعيم ولا جحيم إلا بحكم الظاهر فقط بينما في الحقيقة تتساوى الكؤوس التي يتجرعها الكل.. والكل في تعب
إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف.. فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها وما تفاضلت إلا بمواقفها
وليس بالشقاء والنعيم اختلفت ولا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت ولا بما يبدو على الوجوه من ضحك وبكاء تنوعت
فذلك هو المسرح الظاهر الخادع
وتلك هي لبسة الديكور والثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال حيث يبدو أحدنا ملكا والآخر صعلوكا
وحيث يتفاوت أمامنا المتخم والمحروم
أما وراء الكواليس.. أما على مسرح القلوب
أما في كوامن الأسرار وعلى مسرح الحق والحقيقة.. فلا يوجد ظالم ولا مظلوم ولا متخم ولا محروم
وإنما عدل مطلق واستحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لا تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم
وينير بها ضمائر العميان ويلاطف أهل المسكنة ويؤنس الأيتام والمتوحدين في الخلوات ويعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم
ثم يميل بيد القبض والخفض فيطمس على بصائر المترفين ويوهن قلوب المتخمين ويؤرق عيون الظالمين ويرهل أبدان المسرفين
و تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم والنسمات المبشرة التي تأتي من الجنة.. والمقدمات التي تسبق اليوم الموعود
يوم تنكشف الأستار وتهتك الحجب وتفترق المصائر إلى شقاء حق وإلى نعيم حق.. يوم لا تنفع معذرة.. ولا تجدي تذكرة
وأهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم وأهل الله في راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة وقبلوا ما يجريه عليهم
ورأوا في أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضا، فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب وراحة العقل
فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن.. بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم
أما أهل الغفلة وهم الأغلبية الغالبة فما زالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة والمرأة والدرهم وفدان الأرض
ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من الهموم وأحمالا من الخطايا وظمأً لا يرتوي وجوعا لا يشبع
فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت.. و اغلق عليك بابك وابك على خطيئتك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق