طراد بن سعيد العمري
الأربعاء ١٣ مارس ٢٠١٣
كلما هممنا بالتقدم خطوة في طريق التحضر والحياة
ظهر لنا جدل مجتمعي
عقيم حول المرأة، حتى أصبحت مواضيع المرأة مملة
وسامجة وممجوجة،
فإذا كانت الحياة مستحيلة بين الرجل والمرأة إلى هذا
الحد، فاخرجوا المرأة
من جزيرة العرب، انفوها إلى تركيا أو المغرب،
ودعونا نزورها غباً لتزداد
عندنا حباً... لم يعد لنا من حديث مع كل حدث
حضاري إلا المرأة، هل تتعلم؟
وإذا تعلمت، هل تعمل؟ هل تركب الطائرة؟ هل تقود
السيارة؟ وإن فعلت فهل
تتلثم أم تتحجب أو تتنقب؟ وإن ذهبت للعلم أو العمل،
فهل تفعل ذلك عن بعد
أو عن قرب؟ كم حجم المسافة التي بينها وبين الرجل/
المذكر؟ بات الحجاب
والاختلاط من المصطلحات التي «نلوكها» أو
نمضغها بشكل يومي، أو على
حد تعبير الصديق جميل الذيابي «نتمضمض» بها في
كل ساعة ويوم من
دهرنا.
قامت الدنيا ولم تقعد عندما هممنا بتعليم المرأة قبل
أكثر من نصف قرن، ولا
يزال ذلك القيام، أو تلك القيامة، مستمرة حتى يومنا
هذا... خروج المرأة من
جزيرة العرب سيريح المجتمع، سنتمكن من الالتفات
إلى حل مشكلات
البطالة والفقر والإسكان وتردي التعليم وتوغل
البيروقراطية، وسنتمكن أيضاً
من إصلاح الخطوط السعودية... وبمناسبة الحديث
عن «السعودية»، نجد أن
علاقتنا بالمرأة تظهر واضحة جلية عندما نركب
الطائرة، كثير من الهرج
والمرج والنقل والتنقل من مقعد إلى آخر لكي لا يجلس
رجل بجانب المرأة،
والأكثر من ذلك، حدثتني إحدى النساء، أن البعض
يمنعون بعض الركاب
الذكور من الجلوس بجانب العاملة المنزلية... يا لله
العجب!! كيف نفكر؟
أصبحت المرأة عبئاً على تفكير رجل جزيرة العرب،
لم يعد يطيقها. يعشقها
جنساً ويكرهها حساً... علاقته بالمرأة فيها كثير من
الاضطراب والاحتقان،
منذ أكثر من نصف قرن وموضوع المرأة يشكل
الموضوع الأصعب والأعقد
لرجل جزيرة العرب، أو عرب جزيرة الرجل...
الحديث عن المرأة كبشر
وإنسان يستفز رجل الجزيرة، ويثير فيه مكامن
الفحولة الكاذبة، يدعي أنه
يحميها، بينما هو يلغيها من قائمة الموجودات
الحياتية... صحيح أن للصحراء
تأثيراً ناشفاً وكاشفاً على العواطف، لكن ما يحدث من
لغط وغلط في ما
يخص الجدل حول المرأة يكاد يصيب المراقب
بالغثيان، وكأننا بذاك الرجل
يتمنى عدم التعايش مع ذلك المخلوق الآدمي ضمن
نطاق جزيرة العرب، هو
مزيج من الهجران والهجرة... هجران للمرأة في
نطاق الجزيرة. وهجرة
إليها في الخارج.
علاقة رجل الجزيرة العربية مع المرأة فيها شيء من
الاضطراب والاحتقان
لأسباب ثقافية واجتماعية ومجتمعية، كان الرجل يهيل
عليها التراب ويدفنها
خوفاً من الفضيحة وتلويث شرف القبيلة، حتى جاء
الإسلام وبدأت المرأة
تنعتق من كثير من المفاهيم الثقافية السوداء،
واستمرت هذه الفترة الذهبية
خلال الحقبة المحمدية، ثم ما لبثت العادات والتقاليد
وقبل ذلك «الإبائية» أن
عادت علاقة رجل جزيرة العرب إلى الاضطراب
والاحتقان مع المرأة. لا
يمكن وصف العلاقة بأنها علاقة الحب/ الكره التي
يقررها «سيغموند
فرويد» بين البشر، بل يمكن وصفها بعلاقة الجنس/
الخوف. تفوق المرأة
سبب التخوف... رجل جزيرة العرب يهيل على نفسه
الكثير من مساحيق
التخلف عندما يصطدم بالمرأة سمعاً أو نظراً، يرتبك
وترتعد فرائصه لأن
تجويفه الداخلي فارغ وفكره محنط.
وبينما جاءت الأديان لكي تعيد التوازن في العلاقة
الاجتماعية والمجتمعية، تم
استغلال الأديان لتسويق وأد المرأة إجتماعياً... ما
يحصل في جزيرة العرب
لا يحصل في أي مكان آخر، ولن يحصل، نسينا أو
تناسينا كل جميل في
الدين بحق المرأة، وحفظنا عن ظهر قلب بعض
الشوارد في الدين بعد
إخراجها من سياقها لكي ننبئ عما في داخلنا من جهل
وتحجر... نسينا أن
الرسول المصطفى «عليه أفضل الصلاة والسلام»
ولد من أم، وتربى على
يد مرضعة، وعاش وعمل وتاجر مع امرأة، وجميع
ولده امرأة، وتزوج من
امرأة، وقبل رحيله «صلى الله عليه وسلم» استوصانا
بالنساء خيراً...
المرأة، هي النساء بالمناسبة، فقد يظن البعض غير
ذلك... المرأة ليست أنثى
فقط لمن يفكرون ذكورياً، المرأة ليست «مرة»،
وليست «حرمة أو
حريماً»، وليست أي وصف مهين أو مشين نجتره
بحكم العادة والتهكم.
الحديث عن المرأة يطرب له الوجدان ويتشقق له
الخاطر، لكن الكتابة عن
المرأة في الجزيرة خطر، والوقوف في صفها قصر
نظر، أن تمتدح «هتلر»
أو «نجاد» أو «بشار» أو أي «أفاق أشر» فتلك
وجهة نظر، ولو قلت كلمة
حق في جانب المرأة فتلك جريمة لا تغتفر... لله درك
أيها المرأة السعودية،
كم تعانين من جهلنا وظلمنا وتجبرنا... معاناتك معنا
كل قرن، وكل عقد، وكل
عام، وكل يوم في ازدياد، في القرن الماضي عانيت
عندما هب فئة من
المجتمع ضد تعليمك أسوة بالذكور، وفي العقد
الماضي عانيتي عندما هب فئة
من المجتمع ضد عملك أسوة بالرجال، وفي العام
الماضي عانيتي عندما هب
فئة من المجتمع ضد تعيينك في مجلس الشورى أسوة
بأصحاب الرأي،
وبالأمس عانيتي عندما هب فئة من المجتمع ضد
مشاركتك في معرض
الكتاب أسوة بكل البشر.
كلما صبرت وتحملت وتجملت بعقلك ازددنا جهلاً
وضلالاً، نتفنن في اختراع
أدوات ووسائل للتصدي لقهرك بفكرنا المتردي، ولا
نستنكف من التعدي،
ليس عندنا من همٍّ سوى التفكير في الخلوة والاختلاط،
وليس لدينا من حديث
سوى الفتنة في مكان العمل وفي الأسواق... فلم لا
تهجرين جزيرة العرب؟
«إذا أنتِ لم تكرمي بأرضك فارتحل *** فلا خير في
دار مهان كريمها»...
إرحلي من جزيرة العرب، وستجدين أن كل من
ناصبوك العداء إنمسخ كل
واحد منهم بعد فترة زمنية إلى «ضب»... كل
«الضبان» في صحراء
جزيرة العرب كانت تضيق ذرعاً بالمرأة فتحولوا
بفعل عوامل جينية إلى
حيوانات زاحفة تعيش تحت الأرض، وحتى لو ذهبت
للرعي بين الفينة
والأخرى ما تلبث أن تندس في جحورها، ليس خوفاً
بل حياءً مما عملتي في
سالف الزمان.
* باحث سعودي.
ظهر لنا جدل مجتمعي
عقيم حول المرأة، حتى أصبحت مواضيع المرأة مملة
وسامجة وممجوجة،
فإذا كانت الحياة مستحيلة بين الرجل والمرأة إلى هذا
الحد، فاخرجوا المرأة
من جزيرة العرب، انفوها إلى تركيا أو المغرب،
ودعونا نزورها غباً لتزداد
عندنا حباً... لم يعد لنا من حديث مع كل حدث
حضاري إلا المرأة، هل تتعلم؟
وإذا تعلمت، هل تعمل؟ هل تركب الطائرة؟ هل تقود
السيارة؟ وإن فعلت فهل
تتلثم أم تتحجب أو تتنقب؟ وإن ذهبت للعلم أو العمل،
فهل تفعل ذلك عن بعد
أو عن قرب؟ كم حجم المسافة التي بينها وبين الرجل/
المذكر؟ بات الحجاب
والاختلاط من المصطلحات التي «نلوكها» أو
نمضغها بشكل يومي، أو على
حد تعبير الصديق جميل الذيابي «نتمضمض» بها في
كل ساعة ويوم من
دهرنا.
قامت الدنيا ولم تقعد عندما هممنا بتعليم المرأة قبل
أكثر من نصف قرن، ولا
يزال ذلك القيام، أو تلك القيامة، مستمرة حتى يومنا
هذا... خروج المرأة من
جزيرة العرب سيريح المجتمع، سنتمكن من الالتفات
إلى حل مشكلات
البطالة والفقر والإسكان وتردي التعليم وتوغل
البيروقراطية، وسنتمكن أيضاً
من إصلاح الخطوط السعودية... وبمناسبة الحديث
عن «السعودية»، نجد أن
علاقتنا بالمرأة تظهر واضحة جلية عندما نركب
الطائرة، كثير من الهرج
والمرج والنقل والتنقل من مقعد إلى آخر لكي لا يجلس
رجل بجانب المرأة،
والأكثر من ذلك، حدثتني إحدى النساء، أن البعض
يمنعون بعض الركاب
الذكور من الجلوس بجانب العاملة المنزلية... يا لله
العجب!! كيف نفكر؟
أصبحت المرأة عبئاً على تفكير رجل جزيرة العرب،
لم يعد يطيقها. يعشقها
جنساً ويكرهها حساً... علاقته بالمرأة فيها كثير من
الاضطراب والاحتقان،
منذ أكثر من نصف قرن وموضوع المرأة يشكل
الموضوع الأصعب والأعقد
لرجل جزيرة العرب، أو عرب جزيرة الرجل...
الحديث عن المرأة كبشر
وإنسان يستفز رجل الجزيرة، ويثير فيه مكامن
الفحولة الكاذبة، يدعي أنه
يحميها، بينما هو يلغيها من قائمة الموجودات
الحياتية... صحيح أن للصحراء
تأثيراً ناشفاً وكاشفاً على العواطف، لكن ما يحدث من
لغط وغلط في ما
يخص الجدل حول المرأة يكاد يصيب المراقب
بالغثيان، وكأننا بذاك الرجل
يتمنى عدم التعايش مع ذلك المخلوق الآدمي ضمن
نطاق جزيرة العرب، هو
مزيج من الهجران والهجرة... هجران للمرأة في
نطاق الجزيرة. وهجرة
إليها في الخارج.
علاقة رجل الجزيرة العربية مع المرأة فيها شيء من
الاضطراب والاحتقان
لأسباب ثقافية واجتماعية ومجتمعية، كان الرجل يهيل
عليها التراب ويدفنها
خوفاً من الفضيحة وتلويث شرف القبيلة، حتى جاء
الإسلام وبدأت المرأة
تنعتق من كثير من المفاهيم الثقافية السوداء،
واستمرت هذه الفترة الذهبية
خلال الحقبة المحمدية، ثم ما لبثت العادات والتقاليد
وقبل ذلك «الإبائية» أن
عادت علاقة رجل جزيرة العرب إلى الاضطراب
والاحتقان مع المرأة. لا
يمكن وصف العلاقة بأنها علاقة الحب/ الكره التي
يقررها «سيغموند
فرويد» بين البشر، بل يمكن وصفها بعلاقة الجنس/
الخوف. تفوق المرأة
سبب التخوف... رجل جزيرة العرب يهيل على نفسه
الكثير من مساحيق
التخلف عندما يصطدم بالمرأة سمعاً أو نظراً، يرتبك
وترتعد فرائصه لأن
تجويفه الداخلي فارغ وفكره محنط.
وبينما جاءت الأديان لكي تعيد التوازن في العلاقة
الاجتماعية والمجتمعية، تم
استغلال الأديان لتسويق وأد المرأة إجتماعياً... ما
يحصل في جزيرة العرب
لا يحصل في أي مكان آخر، ولن يحصل، نسينا أو
تناسينا كل جميل في
الدين بحق المرأة، وحفظنا عن ظهر قلب بعض
الشوارد في الدين بعد
إخراجها من سياقها لكي ننبئ عما في داخلنا من جهل
وتحجر... نسينا أن
الرسول المصطفى «عليه أفضل الصلاة والسلام»
ولد من أم، وتربى على
يد مرضعة، وعاش وعمل وتاجر مع امرأة، وجميع
ولده امرأة، وتزوج من
امرأة، وقبل رحيله «صلى الله عليه وسلم» استوصانا
بالنساء خيراً...
المرأة، هي النساء بالمناسبة، فقد يظن البعض غير
ذلك... المرأة ليست أنثى
فقط لمن يفكرون ذكورياً، المرأة ليست «مرة»،
وليست «حرمة أو
حريماً»، وليست أي وصف مهين أو مشين نجتره
بحكم العادة والتهكم.
الحديث عن المرأة يطرب له الوجدان ويتشقق له
الخاطر، لكن الكتابة عن
المرأة في الجزيرة خطر، والوقوف في صفها قصر
نظر، أن تمتدح «هتلر»
أو «نجاد» أو «بشار» أو أي «أفاق أشر» فتلك
وجهة نظر، ولو قلت كلمة
حق في جانب المرأة فتلك جريمة لا تغتفر... لله درك
أيها المرأة السعودية،
كم تعانين من جهلنا وظلمنا وتجبرنا... معاناتك معنا
كل قرن، وكل عقد، وكل
عام، وكل يوم في ازدياد، في القرن الماضي عانيت
عندما هب فئة من
المجتمع ضد تعليمك أسوة بالذكور، وفي العقد
الماضي عانيتي عندما هب فئة
من المجتمع ضد عملك أسوة بالرجال، وفي العام
الماضي عانيتي عندما هب
فئة من المجتمع ضد تعيينك في مجلس الشورى أسوة
بأصحاب الرأي،
وبالأمس عانيتي عندما هب فئة من المجتمع ضد
مشاركتك في معرض
الكتاب أسوة بكل البشر.
كلما صبرت وتحملت وتجملت بعقلك ازددنا جهلاً
وضلالاً، نتفنن في اختراع
أدوات ووسائل للتصدي لقهرك بفكرنا المتردي، ولا
نستنكف من التعدي،
ليس عندنا من همٍّ سوى التفكير في الخلوة والاختلاط،
وليس لدينا من حديث
سوى الفتنة في مكان العمل وفي الأسواق... فلم لا
تهجرين جزيرة العرب؟
«إذا أنتِ لم تكرمي بأرضك فارتحل *** فلا خير في
دار مهان كريمها»...
إرحلي من جزيرة العرب، وستجدين أن كل من
ناصبوك العداء إنمسخ كل
واحد منهم بعد فترة زمنية إلى «ضب»... كل
«الضبان» في صحراء
جزيرة العرب كانت تضيق ذرعاً بالمرأة فتحولوا
بفعل عوامل جينية إلى
حيوانات زاحفة تعيش تحت الأرض، وحتى لو ذهبت
للرعي بين الفينة
والأخرى ما تلبث أن تندس في جحورها، ليس خوفاً
بل حياءً مما عملتي في
سالف الزمان.
* باحث سعودي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق