دخلت فندقي في جدة وأرتميت على السرير كجثة ,, قتلها التعب , ونظري مصوب لسقف الغرفة الملونة
أستنهضت بدني وذهبت لأعد لي قهوة تركية , لعلها تعطيني جمالاً كمهند ( أكرمكم الله )
لم أجد إبريق أغلي فيه القهوه , فتحت الأدراج فوجدت إبريق غريب كأنه
فانوس سحري من طراز شبيك لبيك ماكدونالز ولا البيك
ضحكت قلت دعنا نجرب فركته فركاً ,, لم يحدث شيء طبعاً
لكن باب الغرفة طُرق , ذهبت للباب فإذا بذاك البنغالي يقول : روم سيرفر كدمة قرف
قلت : لا , شوف اللي جنبنا , أغلقت الباب ورجعت لقهوتي , بحثت عن الفانوس لم أجده
فتحت الدرج فإذا هو في مكانه الأول قلت : بسم الله خالق الأنس والجان
دعتني الحيرة إلى فركه من جديد وأنا أفركه , طُرق الباب مرة أخرى , ذهبت والفانوس بيدي خوفاً أن يعود لدرجه , فوجدت نفس البنغالي عند الباب
فقلت له : نعم – بنبرة زوج أتصلت عليه زوجته -
قال : روم سيرفر كدمة قرف
قلت : يبدو أنك أنت الذي سترى كدمة الآن
قال لي مرة أخرى : روم سيرفر وهو يبتسم ويشير للفانوس الذي في يدي
حينها كأني حقنت بمخ إنشتاين في مخي
قلت : ياهلا يامسهلا , تفضل , ما أسمك أيها الكريم أبن الكريم يانسل الأكارم
قال : أسم أنا فاروك خادم الفانوس المحروك , أيش طلب أنت ياشيخ ؟
قلت : يعني أطلب الآن ثلاث طلبات ؟
قال : لا … لا هدا زمان , أيام أسمائيل ياسين .. الحين طلب واحد بس , يالله أيش طلب ؟
طبختها في ذهني وأنا واقف أمامه قلت لماذا لا أطلب طلب كحركة الحصان في رقعة الشطرنج ينط في كل إتجاه وإذا بدأ بلون أنتهى بلون
قلت : أسمع يافاروك طلبي أن تكون كل طلباتي مستجابة , يعني أقول شيء ينفذ للتو واللحظة
قال : بس
قلت : بس
قال لي : هات مية ريال – نعم قلت أنا
قال : هات مية ريال سورعة وواحد صورة أنتا – أعطيته وذهب
بعدها عاد لي ببطاقة أحوال فيها صورتي وأسمي أبوشمس بن فلآن بن فلآن آل …..
فأرتعدت فرائصي حين رأيت الــ آل ….
قال : كلاص روح أنت كل شيء الحين كويس
أنتشيت فخرجت بعد أن تعطرت ووقفت عند أكبر وكالة سيارات وصحت كطرزان ينادي شيتا : وين آخر موديل؟ وين المدير ؟ بصوت رخيم
جاء المدير فقلت : معك فلان بن فلآن آل فلاني هات مفتاح ذي السيارة وأرسل الحساب لقصري , يالله خذ صوروا بطاقتي أنا مستعجل .
ركبت السيارة الفخمة بعد ما أرجعوا البطاقة وخرجت
وقفت أمام مبنى المحكمة العامة ودخلت المبنى قلت وين أكبركم الذي علمكم القضاء قالوا هذا هو مكتبه طال عمرك
دخلت عليه وصحت فيه وقلت : أتصل على خويك حق الرياض وقله أني أنا فلان الفلاني ما أرضى بالحكم الذي حكمتوه على المواطن تبعي فلان بن فلان – وقلت أسمي قبل الفانوس -
قال : سم طال عمرك , الحين طال عمرك نقلب الحكم
بعدها طلعت وكلي نشوة
لم أدري أين أذهب لكني طفت كل جدة أدخل هنا وأخرج من هنا وكل محل أدخله أقول أرسلوا الحساب على قصري , ذاك القصر السراب
بعدها مررت من عند تفتيش فإذا أحد العساكر يطلب الإثبات , أخرجته له فأرتعدت فرائصه الصغيرة لما قرأ الأسم وقال : تفضل طال عمرك , قلت : خلاص ياحمار , تأكدت من الإثبات
قال : خلاص طال عمرك
قلت : ما قلت لي ياحمار ليش حاطين هنا نقطة
قال : طال عمرك عشان القنصلية الأمريكية هذي طال عمرك
قلت : أها طيب شكراً ياحمار
ذهبت ووقفت أمام القنصلية ومددت البطاقة للعسكري المرابط
وقلت : أريد حمام وأنا مضطر جداً للحمام وأنتم أقرب حمام , فهمت الكلام
قال : بس طال عمرك ممنوع الدخول هنا بلا تصريح
صحت وقلت : كيف ممنوع أقرا أسمي ياحمار
أتصل بالهاتف لا أدري على من , لكن أتاني أمريكي أحمر كأنه علبة كتشب أحرقتها صحرائنا
وكلمني بالإنجليزية وأفهمني بكل ود وإحترام أنه لا يمكن دخولي حتى وإن كنت من كنت وأنني إذا أصريت بالدخول فسيدخل أنفي في تراب قبري
رجعت بسيارتي للوراء وأنا منسجم مع وضعي الكاذب وكيف لا أدخل أرضاً هي لي ولأجدادي
رجعت للفندق فإذا فاروك يغسل السيارات أمام الفندق
فمددت يدي له بمئة ريال وقلت : ممكن يافاروك تبدل بطاقتي إلى
مواطن أمريكي
***********************************************************
أنا وخمس فتيات في الصحراء (بالصور)
18 أكتوبر , 2008
عصر الأمس وبينما أنا عائد من رحلة برية في ربوع الدهناء ( تلك الصحراء المقفرة ) , أضعت طريقي ,,
فقمت أتخبط ذهاباً وجيئة ,, أريد أصحابي وأريد العودة ولا مجال , طفت طواف المودع بيته حتى استوت سيارتي على الجودي وقالت هذا مكاني , فوقودها نفد ,
رجعت للوراء وأنا بين مصدق ومكذب ومؤملٍ ويائس , أتخيل نفسي والطائرات المروحية فوقي تطير , وسيارات الدفع الرباعي للدفاع المدني وهي تنقذني , تخيلت ممرضة طائرة الإخلاء الطبي وهي تقدم لي العصير وهي تقول تفضل ياعزيزي ( السعودي )
تخيلت نفسي في برنامج ريسكيو 911 السعودي وأنا أتحدث عن محنتي هذه ,, آسف ريسكيو 999
ضحكت ومن ثم قررت أن أسير في اتجاه واحد مشياً على الأقدام , لكني أردت أن أترك دليلاً يدل على مكان وجهتي فيما إذا ولو ولعل وعسى وجميع الافعال المعتلة ,, قرروا البحث عني !
بحثت عن حصيات صغيرات ووضعتها على غطاء سيارتي بشكل سهم ← يتجه حيث توجهت
فقمت أتخبط ذهاباً وجيئة ,, أريد أصحابي وأريد العودة ولا مجال , طفت طواف المودع بيته حتى استوت سيارتي على الجودي وقالت هذا مكاني , فوقودها نفد ,
رجعت للوراء وأنا بين مصدق ومكذب ومؤملٍ ويائس , أتخيل نفسي والطائرات المروحية فوقي تطير , وسيارات الدفع الرباعي للدفاع المدني وهي تنقذني , تخيلت ممرضة طائرة الإخلاء الطبي وهي تقدم لي العصير وهي تقول تفضل ياعزيزي ( السعودي )
تخيلت نفسي في برنامج ريسكيو 911 السعودي وأنا أتحدث عن محنتي هذه ,, آسف ريسكيو 999
ضحكت ومن ثم قررت أن أسير في اتجاه واحد مشياً على الأقدام , لكني أردت أن أترك دليلاً يدل على مكان وجهتي فيما إذا ولو ولعل وعسى وجميع الافعال المعتلة ,, قرروا البحث عني !
بحثت عن حصيات صغيرات ووضعتها على غطاء سيارتي بشكل سهم ← يتجه حيث توجهت
وتوكلت على الله وحثثت المسير
قمت أسير وأنا أفكر وأتذكر إنجازات الدفاع المدني السعودي أو أي قطاع آخر فلم أجد ,
فتذكرت موقف ذاك الرجل الذي انحشرت رجله بين أنبوبتين حديديتين وأصبح يصرخ ورجالات الدفاع المدني حوله وقوف لا يعلمون مالعمل حتى أتى أحد المواطنين برافعة الكفرات ( العفريتة ) ووضعها بين الأنبوبتين وباعد بينهما وخرج الرجل ورجله معه بفضل الله ومن ثم بفضل عدم تدخل أبطال الدفاع المدني ! المضحك المبكي أن صحافتنا المأجورة من الغد مجدت بأبطال الدفاع ونست أبو العفريتة !
ضحكت وأنا أسير في القفار من هذا الموقف ولكني كدت أن أبكي حين تذكرت الطفلان الذّان ماتا بعد أن سقطا في ماصورة عامودية ,, الغريب أن الطفلان لم يموتا جوعاً أو عطشاً لو أنهما تركا ولم يموتا ألماً من السقوط لو أنهما تركا , ولكن ماتا حرقاً واختناقا لأن أبطال الدفاع المدني قرروا قص الماصورة بالنار فأصاب الاطفال الدخان والشرر ومضت القضية دون معاقبة لآن الطرف جزء من الدولة والدولة هي الحاكم والمحكوم وكما قال المتنبي
يا أعدل الناس إلا في معاملتي *** فيك الخصام وانت الخصم والحكم
سرت وهواجس موتي تلوح تارة وتهفو تارة حتى أظناني المسير فقررت أن أقف عند تلك الشجيرة , حنيت رأسي وأنا ألمح الشمس التي تستعد للأفول فقلت : يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ
تللت جبيني لليمين فرأيت عباءة مدفونة في الأرض فتعجبت ,,
ماهذه العباءة الملقاة بالصحراء , أهي موؤدة أم مولودة ,, حفرت وحفرت وشيئاً فشيئاً تظهر لي تقاسيم جثة ما أبقى فيها الزمن إلا عظاماً بعباءة
من هذه المراءة ؟؟ لففت جمجمتها بطرف عباءتها واستلقيت بجانبها وقمت أنشد ما كان يقوله امرئ القيس حين وجد قبراً قبل موته عند جبل ( عسيب )
أيا جارتنا أن المزار قريبُ *** وأني مقيم ما أقام عسيب
أبا جارتنا أنا غريبان هاهنا *** وكل غريب للغريب نسيب
رددتها مراراً وتكراراً حتى غبت عن الوعي … ونمت
استيقظت وإذا الليل قد حل ,,, كنت مستلقياً على جنبي اليمين وأرى أمام عيني ضوء نار يصدر من خلفي ,, وأصوات جلية بجاذبية
- هناء من هذا ؟
- هذا عابر سبيل وأسمه الساخر أبوشمس
- أميت الساخر هذا أم هو حي ياهناء ؟
- لا هو حي … أين الباقيات ؟ ألن يأتين ؟
وأستمر الحديث وأنا إلى الآن لم ألتفت ,,
من هولاء النسوة ؟ أفتح باب التوظيف النسائي في الدفاع المدني وهن منقذاتي … أم تلكن بنات جن بي يتلاعبن
والحديث رغم أفكاري مستمر فقلت بذكر الله تتضح الرؤية , فقلت بصوت لا يسمعهن بسم الله فصمتن ..
فقلت جان … لكنهن أكملن وقالت أحداهن : أنه يظننا من الجن فضحكن وقالت : ألتفت يامسكين فألتفت فإذا
بخمس نسوة بعباءتهن قعود حول النار يحملن دفاتر وأقلام
قلت : بالله من أنتن ؟
قالت أحداهن : أنا التي نبشت مدفني التي دفنتني به الريح مشكورة
جمدت عروقي وأقشعر شعر جسمي وقلت : هل أنتن موتى ؟
ضحكن وقلن : نعم
بسرعة سألت : وهل أنا ميت ؟
قالت : لا ولكن عما قريب .
قلت : ماحكايتكن ؟
قالت : نحن معلمات ,, ندرس في أحد القرى الصحراوية أضاع سائقنا الطريق في الصحراء فمتنا عطشاً ..
قلت : لا حول ولاقوة إلا بالله , فما بالكن هنا حول النار مجتمعات ؟
قالت : نحن كل ليلة نجتمع ندعو الله بأن ينتقم من الذي ظلمنا في الدنيا وحبسنا عن الآخرة
قلت : بماذا ظلموكم ؟
قالت : لما متنا أتضح لنا كل شيء ( فبصرك اليوم حديد ) أتضح لنا كيف ظلمنا بوجودنا في هذه الصحراء بينما بنات الطبقة الراقية أو الصلات الواقية يباشرن أمام منازلهن .
أتضح لنا كيف جمدت أوامر نقلنا , لمجرد إرضاء مسئول بأحد قريباته أو حبيباته
أتضح لنا كيف أننا لمجرد أننا بنات من البسطاء يحقرنا حتى من هو مسئول عنا يوم تصبح الولدان شيبا
كم ماتت من بنت في طريق مقفرة , كم عانت من أسرة بغربة مجبرة
نحن كل ليلة نجتمع وندعو ونلعن حتى يكتب الله لنا المسير لدنيا البرزخ ,,
دمعت عيني وقلت : أصففن خلفي وأرفعن أيديكن وآمنّ من ورائي فإني داع على هؤلاء الرعاع ومن ضمنهم الدفاع
دعوت ومن ثم ودعت وقلت لأموت عند سيارتي أفضل لي خوفاً من أن تصادرها الدولة تحت بند المجاهيل في بلد المهابيل
وصلت سيارتي فوجدتها حيث كانت ولكن
وجدت سهمي الذي فوق سيارتي
وقد رسم عليه قلب أحمر
وكتب تحته
الحب عذاب
مع تحيات مدير الدفاع المدني
************************************************************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق