الأربعاء، 17 أغسطس 2011

كم من خطأ اعتدنا عليه وصار أصوب من الصواب .. وندافع عنه لأنه من عاداتنا ؟!







الإثنين 22/08/2011
محمد الرطيان
(1)
تقول الحكاية : أن حاكم إحدى البلاد البعيدة ، أصابه مرض خطير، فلم يجد الأطباء لعلاجه سوى قطع أنفه ! .. استسلم الحاكم لأمر الأطباء وقاموا بإجراء اللازم .. وبعد أن تعافى ، ونظر إلى وجهه البشع دون أنف ، وليخرج من هذا الموقف المحرج ، أمر وزيره وكبار موظفيه بقطع أنوفهم ، وكل مسئول منهم صار يأمر من هو أدنى منه مرتبة بأن يقوم بقطع أنفه .. إلى أن وصلت كافة موظفي الدولة ، وكل منهم عندما يذهب إلى بيته صار يأمر زوجته وكل فرد من أهل بيته بقطع أنفه .
مع مرور الوقت صار هذا الأمر عادة ، وجزءا من ملامح أهل هذه البلدة .. فما أن يُولد مولود جديد – ذكرا أو أنثى – إلا ويكون أول اجراء بعد قطع حبله السري هو قطع أنفه !
بعد سنوات مرّ أحد الغرباء على هذه البلدة .. وكان ينظر إليه الجميع على أنه قبيح وشاذ لأن له شيئا يتدلى من وجهه .. هو أنفه السليم !!
(2)
بحكم السلطة ، وبحكم العادة التي صارت جزءا من شكل ذلك المجتمع الصغير ، وتلك البلدة النائية :
ـ صار الخطأ صوابا .. وصار الصواب خطأ .
ـ مع مرور الوقت تشكلت قوانين جمالية جديدة ترى أن مقطوع الأنف هو الأجمل !..وصار هناك مقاييس أخرى للجمال .. وكذلك للقبح .
ـ أي شخص يأتي من العالم الخارجي – أنفه سليم – هو شخص شاذ !

(3)
فكروا بهذه الحكاية الأسطورية / الساخرة ، واسألوا أنفسكم بعض الأسئلة :
هل فقدنا أنوفنا ؟.. هل فقدنا شيئاً آخر .. الألسن مثلاً ؟!
كم من خطأ اعتدنا عليه وصار أصوب من الصواب .. وندافع عنه لأنه من عاداتنا ؟!
كم من شيء نراه ( شاذاً ) فقط لأنه ليس منا ومن عاداتنا ؟
كم من شيء ندافع عنه وبحماسة .. فقط لأنه من ( أخطائنا ) القومية ؟!
هل أخطاؤنا – لأنها أخطاءنا الشخصية – هي أهم من صواب الغريب ؟!

(4)
عزيزي القارئ :
تحسّس أنفك .. تحسّس عقلك !
واسأل نفسك : كم من الأشياء تم قطعها منك .. وعنك ؟
انظر حولك ، وحاول أن تكتشف الأخطاء التي توارثتها من الأسلاف ، وتتعامل معها بشكل شبه يومي كإرث عائلي يجب المحافظة عليه .
فكك الأشياء ..
أخرجها من دولاب العادة والمألوف ..
وضعها على طاولة العقل الناقد ، وأعد بناء علاقتك معها من جديد .
واستعد حاسة الشم .. والتفكير !



**************************

عادات وتقاليد.......ولكن وجدنا آباءنا وأجدادنا


مجموعة من العلماء و ضعوا 5 قرود في قفص واحد و في وسط القفص ووضعوا سلم وفي أعلاه وضعوا بعض الموز
Now, the moment monkeys saw the banana on top, they tried to climb up the ladder and grab the banana.  But what the scientists did was, the moment any monkey tried going up the ladder, they would shower freezing cold water on rest of the four monkeys.
في كل مرة يطلع أحد القرود لأخذ الموز يرش العلماء باقي القرود بالماء البارد
After a few cold shower, the monkeys understood that they are subjected to the cold showers only when any of them try to go up the ladder.  So next time any monkey tried going up the ladder, the rest of them would beat him black and blue!
بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يطلع لأخذ الموز، يقوم الباقين بمنعه و ضربه حتى لا يرتشون بالماء البارد
After several beatings, every monkey gave up tried going up the ladder, even after having the temptation of the bunch of bananas right in front of their eyes!
بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز، على الرغم من كل الإغراءات خوفا من الضرب
Now the scientists brought a change in the setup.  A monkey from the set of five, was replaced with a new monkey.  This new monkey, the moment saw the bunch of bananas, tried to go up the ladder and grab it!
بعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة و يضعوا مكانه قرد جديد
فأول شيء يقوم به القرد الجديد أنه يصعد السلم ليأخذ الموز
Upon this, as per the usual practice, rest of the four monkeys gave him a severe beating!  After couple of such beatings, the new monkey also gave up trying going up the ladder and grab the bananas, without ever knowing why he was being beaten for going up the ladder and grabbing the bananas..
ولكن فورا الأربعة الباقين يضربونه و يجبرونه على النزول
بعد عدة مرات من الضرب يفهم القرد الجديد بأن عليه أن لا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب
Now the scientists made more changes and replaced one of the old four monkeys with a new one.  This time, same as the last time, first thing the new monkey did was to try going up the ladder and grab the banana!  But upon this, he was severely bashed.  This time, even our last replaced monkey, joined in beating the new monkey.  Neither the new monkey knew why he was being beaten on trying to go up the ladder, nor our last replaced monkey knew why he is beating the new monkey on trying to climb up the ladder!
قام العلماء أيضا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد و حل به ما حل بالقرد البديل الأول حتى أن القرد البديل الأول شارك زملائه بالضرب و هو لا يدري لماذا يضرب

Going ahead with the experiment, the scientists kept replacing old monkeys with new ones and every time the beating was repeated.
و هكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة
After some time what was left was a group of five monkeys who never received a cold shower but which never tried climbing up the ladder to grab the bananas and kept beating any monkey who triedclimbing up the ladder and grab the bananas!
حتى صار في القفص خمسة قرود لم يرش عليهم ماء بارد أبدا
و مع ذلك يضربون أي قرد تسول له نفسه صعود السلم بدون أن يعرفوا ما السبب

If it was ever possible to ask these five monkeys why they beat any other monkey who try to go up the ladder and grab the bananas, I'm sure the answer would be.. “I don't know... but that's how things are done over here!
لو سألنا القرود لماذا يضربون القرد الذي يصعد السلم؟ 
أكيد سيكون الجواب: لا ندري ولكن وجدنا آباءنا وأجدادنا له هكذا

"عادات وتقاليد"

In life, most of the time we would encounter people, at work, among friends, peers, even family members, who would throw their solid fist on you every time you try to go up the ladder, without anyjustifiable reason or point! But unfortunately... “That's how things are done around here!”

We have a choice... either we can continue being a monkey and go on with bashing and beating.. or stop being one and start climbing the up the ladder!!
نحن نملك قرارنا.... إما أن نصبح قرده ويتم فيه ضربنا وتخلفنا... أو إما نقف عن صمتنا ونبدأ صعود السلم!!

Only two things are infinite.. the Universe and Human Stupidity, and I'm not so sure of the former!” -Albert Einstein.
هكذا قال أينشتاين
هناك شيئين لا حدود لهما ... العلَم و غباء الإنسان

وهو مايطبّق وليس له سبب معروف اجتماعيا أو دينيا أو ماشابه

عملياً هذا ما نطبقه نحن في أعمالنا وحياتنا اليومية 
نبقى في الروتين خوفاً من التغيير

(حاول أن تغير وتتغير حتى تشعر بلذة الحياة)
************



على شارعين
ليلة هروب البطانة !  
خلف الحربي
لسنوات طويلة، بقي الناس في بعض دول العالم العربي يتحدثون عن مجتمع افتراضي اسمه (البطانة)، ويحملونه كل أخطاء السلطة، وينسبون إليه كل أسباب الفساد والفقر والبطالة، وهم يفعلون ذلك إما بدافع الخوف من تسمية الأشياء بمسمياتها، أو لأنهم يحسنون الظن بحكامهم ويظنون المظالم تحدث دون علم منهم، وهكذا بقيت البطانة وصفا مجازيا لأشخاص بلا أسماء ولا وجوه، حتى جاءت ثورتا الشباب في تونس ومصر واللتان نجح خلالهما الشباب الأحرار في خلع الثوب الحريري الفاخر، فظهرت البطانة الفاسدة إلى العلن.
فقد اتضح بعد ثورتي تونس ومصر أن البطانة هي خليط عجيب من رجال الأعمال والضباط والمسؤولين والبرلمانيين والأصهار والجلساء الذين كونوا ثروات طائلة من العدم وبنوا ناطحات السحاب من عظام المسحوقين، وإذا كان الرئيس في الأنظمة الديمقراطية يحيط به مجموعة من المساعدين والمستشارين، فإن البطانة شيء آخر تماما، فهي موجودة فقط في الأنظمة غير الديمقراطية، وتتولى أحيانا مهمة اختيار مساعدي الرئيس ومستشاريه في أحيان أخرى ترقي الانتهازيين من هذا الطاقم الاستشاري وتدخلهم في دائرة البطانة.
عموما، لقد نجح هذا الخليط العجيب الذي يسمى بالبطانة في عزل الرئيس عن شعبه وتقديم معلومات مظللة له، وحاز أغلبهم على ثقته المطلقة حتى أصبحوا عينه التي يرى بها العالم خارج قصره، وبالطبع لم يتردد هؤلاء في نهب ثروات البلاد والتضييق على العباد والمساهمة في تعميق مشاعر الكراهية تجاه النظام السياسي، حتى جاءت لحظة الانفجار، وخرج الناس إلى الشوارع ليخلعوا الرئيس الذي وضعهم تحت رحمة هذه البطانة الفاسدة المتوحشة، وكم كانت صدمة هذا الرئيس كبيرة حين بحث عنهم في هذه اللحظة العصيبة ليكتشف أنهم طاروا بملياراتهم إلى أوربا، وتركوه وحيدا يواجه الجماهير الغاضبة وهو عارٍ تماما.. لا ثوب يستر استبداده المكشوف، ولا بطانة تقيه من رياح التغيير العاتية.
وفي اللحظة التي لا ينفع فيها الندم يقول الرئيس المحاصر لنفسه: لولاهم لما وجد الفقر ولما تفشى الفساد ولما انتشرت البطالة، لو اشتريت بالمليارات التي هربوها أرغفة خبز لما زحف هؤلاء الجياع باتجاه قصري، لو لم تتلاعب شركاتهم بالقوانين التي وضعتها بنفسي لما أصيبت التنمية في مقتل، لو لم ينقلوا لي معلومات خاطئة عن حقيقة الشارع لما اضطررت للخروج على شاشة التلفزيون كي أقول للناس: (الآن فهمتكم)!.
ولعل المصيبة الكبرى التي تعيشها بعض دول العالم العربي اليوم أن البطانة أصبح لها بطانة!، بل وحتى بطانة البطانة لها بطانة!، لذلك يجد الحاكم نفسه مسؤولا عن مجموعة من (البطانات) التي لا يعلم عنها شيئا، فترتكب العديد من الجرائم تحت رعايته الاسمية، رغم أنه في بعض الأحيان قد لا يقبل بحدوثها، وحتى حين يحاول الإصلاح وتغيير الواقع فإنه يفشل في تحقيق أية خطوة مؤثرة، لأنه يسلم قراره للبطانة، والبطانة تمرر المشروع لسلسلة من البطانات المتتابعة، فيصبح المشروع مجرد عنوان كبير ليس له أي وجود على أرض الواقع.
وأخطر ما في الأمر أن البطانة تتغلغل في الجلد، حتى تأتي اللحظة التي لا يستطيع فيها الحاكم التخلص منها، لأنه لا يستطيع سلخ جلده، وشيئا فشيئا، تتغير المعادلة فيصبح تابعا للبطانة بعد أن كانت تتبعه، فهي حتى وإن كانت خاضعة له في العلن فأنه يصبح مضطرا للخضوع لرغباتها ونزواتها في الخفاء، ويسمى ذلك بسياسة التوازنات بين مراكز القوى، وفي نهاية الفيلم الطويل يكتشف أنه منحهم المال والنفوذ كي يدمروا حكمه!.


*****************

يا رب ولد !


محمد الرطيان   |  17-08-2011 02:41

(1)
منذ عقود ، و " الأمة العربية " تعاني من العقم السياسي ..
أتى " الربيع العربي " وابتهجنا بالحمل / الحلم !
الأنظمة العربية ، وفي أيامه الأولى ، ابتسمت بسخرية ، وقالت : حمل كاذب !
المتشائمون قالوا : الأمة دخلت سن اليأس ومن المستحيل أن تحمل .
الحالمون قالوا : مهما كبرت .. تظل صبيّة .. وولاّدة .
المتشككون قالوا : لعلّه " طفل أنابيب " ! .. لعل بعض الأطباء الغربيين شارك في صناعته وزراعته في الرحم العربي !
أحدهم ينظر بنصف عين ويقول : عرفنا الأم .. من هو الأب الذي قام ...؟.. دخيل الله لا تقولوا الفيسبوك !
يرد عليه فتى ً في العشرين : الفيسبوك – يا أخا العرب – جدار إلكتروني .. البعض يرسم عليه لوحة جنسية ، ونحن كتبنا عليه لافتة الحرية .

(2)
الذكوريون من المحافظين ، وبعد أن تأكدوا من حقيقة هذا الحمل ، قالوا : يا رب ولد !.. لهذا ينظرون بريبة لمفردات مثل " حريّة " و " مدنية " لأنها مؤنثة وتوحي بأن المولود أنثى .

(3)
منذ أول يوم ، وبعد سبعة أشهر ، من إذاعة خبر حمل " الأمة العربية " وهي تعاني من آلام الحمل وكل ما يصاحبه من مشقة :
حاولوا قتل الجنين بكل الطرق ..
شككوا بهويته ..
قالوا أنه سيولد مشوّهاً ..
شككوا بشرف الأم !..
ولكن ، وبقدرة ربك سبحانه ، ثم بجهود الذين آمنوا بهذا الحمل / الحلم .. ما يزال الجنين بخير .
والطفل سيولد .. رغم كل الأنوف سيولد ، وليس هذا هو المهم .. المهم : كيف ستتم تربية هذا الطفل ، هل سيرضع حليب الحرية ، هل سيحمل الأسماء التي نحبها ، هل سيطول مخاض الولادة ، هل أمه / الأمة ستجيد تربية هذا الطفل الساحر الباهر ؟.. أم أنه سيُنزع من بين يديها بحجة تربيته بشكل أكثر معاصرة وحداثة ، أو يُرمى عند باب جامع ؟!!

(4)
الطفل سيولد .. هذا ما يؤمن به حتى الحُكماء من الحُكام .
وهذا ما فعلته مملكة المغرب :
استعدت لاستقباله ، وهيأت له غرفة في المنزل ، واشترت له الملابس الجميلة ، وصنعت له سريراً رائعاً .. وقالت للشعب : تعالوا لنختار له اسما .

(5)
أيا كان شكل هذا المولود ، ومهما كانت ملامحه ..
أكاد أجزم أنه أجمل ألف مرة من هذا العجوز القبيح الذي يسمونه " النظام العربي "
 !

*********************

لا في الأرض ولا في السما!
خلف الحربي
الأخ أبو مؤيد من مكة يقول إن مكتب الخطوط السعودية أمام الحرم المكي لا يستوعب الأعداد الهائلة من المعتمرين وإذا نجح أحدهم في العثور على موقع قدم فإنه لن يجد حجزا ويضيف «ما عندهم مكان لا في الأرض ولا السما.. ياليت يوسعون مكتبهم ويزيدون رحلاتهم».
**
أحد الإخوة القراء ذكرني بهيئة مكافحة الفساد حين أرسل شاكيا من عدم عثوره على أي عنوان للهيئة كي يسلمها بعض المستندات حيث لم يستطع العثور عليها لا في الأرض ولافي السماء.. على أية حال أنصح الهيئة الجديدة أن تطلب من موظفيها «إذا كان لديها موظفون» حضور جلسات محاكمة المتسببين في كارثة جدة والاطلاع على كل تفاصيل القضية لأن مثل هذه الخطوة تعد دورة مكثفة في فنون الفساد الإداري.
**
قارئ مقهور أرسل نسخة من خطاب اعتذار شركة الزيت العربية (أرامكو السعودية) عن توظيفه لوجود مخالفات مرورية في سجله وهو يرى في هذا الخطاب زحلقة مبتكرة بعد أن استكمل كل الشروط!
**
خريجات رياض الأطفال لم يجدن وظائف لا في الأرض ولا في السماء، وحين جاء الفرج بعد الأمر الملكي المتعلق بالوظائف التعليمية صدمن بتعيين معلمات الابتدائي في رياض الأطفال فأطلقن حملة «نحن أحق بتخصصنا» على الفيس بوك.
**
يقول في رسالته «قمت بطلب تمويل بنكي وسددت القرض بعد أربع سنوات وحين جئت إلى البنك للحصول على إخلاء طرف والانتقال إلى بنك آخر اكتشفت أن البنك أصدر لي بطاقة ائتمان دون علمي ويخصم رسومها بشكل منتظم.. باختصار البنك الذي نأتمنه على حلالنا يسرقنا!». 

******************
من هو المسؤول وما هي حدود مسؤوليته؟ 

شاهر النهاري



قد يختلف البعض في تعريف كلمة مسؤول، لأنها في المفهوم العام ترتبط دومًا بالسلطة، ولكنها لغويًا: آتية من الفعل سأل، وهي تعني من كان في وضع السؤال والمساءلة. أما مصطلحًا: فإنها تعني الوضع المنطقي، الذي يتوجب فيه على الفاعل أن يكون مسائلاً عن أفعاله، أي يقر بأنها مسؤوليته، وأنه يتحمل نتائجها لتبعيتها له، كتبعية تُلزمُ عن الفعل.

والإنسان بطبيعته البدائية، أو المتحورة، أخلاقي الصبغة، وبحكم أفعاله فهو مكلف يشعر بالإلزام أمام نفسه، وأمام غيره مما يجعلنا نصفه بأنه مسؤول، ومما يجعل جميع الأديان والقوانين والأعراف تحكم عليه وتعاقبه من خلال ذلك. 

فتقع عليه المسؤولية من عدة نواحٍ، أولها الناحية الأخلاقية: وهذه تكون مرهونة بقدر ونقاء وكيف ما يمتلكه من أخلاق، ومدى قدرته على التمسك بها وتطبيقها، مهما كان الأمر منهكًا أو مغريًا، ورفضه عن التخلي عنها بدوافع ذاتية، وقيم خارجية، والعقاب هنا يكون من نفسه لنفسه، إذا كان ضميره حيًا. 

وثانيها أن تكون المسؤولية اجتماعية: مرهونة بالعرف الاجتماعي، وهنا يكون الإنسان أمام سلطة المجتمع، والتي تحاكمه علنًا وبشكل عفوي مباشر، فإما أن يقوم بمسؤوليته، وأما أن يتخلى عنها لمن يتمكن من ذلك. 

وثالثها المسؤولية الموضوعية، الخارجية: والتي يكون أساسها مرتبطًا بنتيجة الفعل بالدرجة الأولى، وخاصة في المسؤولية المدنية والقانونية، التي تنظر إلى الضرر الحاصل، وتوقع على مرتكبه الجزاء المادي كالتعويض أو القصاص أو كلاهما بشكل عقاب على شخص يفترض أن يكون مسؤولاً عن عمله. 

والعقاب للشخص المسؤول، يعتمد على مدى أهليته للعقاب، بأن يكون عاقلاً بالغًا أثناء توليه المسؤولية، وأن يكون حرًا، لم يتم إجباره أو تهديده من سلطة أعلى بالقيام بذلك الفعل. 

كما أن العقوبة تحدد حسب مقدار ومحيط الضرر، فالمسؤول عن شخص، لا يكون عقابه مثل المسؤول عن شخصين، حيث إن المسؤولية تكبر، والعقاب يزداد بحسب مساحة الضرر. 

وفي المجتمعات المتخلفة، نجد أن المسؤولية تعطى تلقائيًا وبكامل تبعاتها للمسؤول، والذي يمتلك السلطة العليا، مهما كان غير ملم ولا ملتزم، ولا متخصص. 

وتفترض عين المجتمع أنه هو الأكثر قدرة وفهمًا ومعرفة وحكمة، والطامة الكبرى لو فهم هو كذلك. 

فنجد المسؤول الكبير، وهو يفتتح أحد المشاريع، يقوم بانتقاد جزئية هندسية معقدة، وبلمح البصر يتم تعديلها حسب مرئياته الآنية، مهما كانت تكلفتها، ومهما كانت عملية إنشائها قد تمت بعد دراسات مطولة متعمقة، من أخصائيين وخبراء. 

وفي مثل هذه الحالة تقع المسؤولية في التغيير، وعند حدوث الضرر، على الجهة المنفذة، مع العلم أن التغيير تم بسلطة المسؤول، ونقده العلني، وتأكيده على النفاذ. 

عليه فمن المفترض أن تكون المسؤولية وسيلة، وليست هدفاً، وأن تكون محددة المجالات، بدلاً من تركها منفتحة لبعض الأشخاص ممن لا يتمكنون من الإيفاء بحقوقها كما يجب. 

المسؤولية في المنزل الأسري، يجب أن تُقسم على جميع أفراد الأسرة، ليشعروا بأهمية تواجدهم في هذا المنزل، ومدى التصاقهم به، وليتمكنوا من تحديد وجود الخلل ومصدره، ومعالجته بطرق عقلانية، فليس من المعقول أن يكون رب الأسرة مسؤولاً عن كل صغيرة وكبيرة، حتى عن نقص المئونة من صنف معين، وأن تكون الزوجة خارج المساءلة والمحاسبة، ومن غير المعقول أن يكون الأب مسؤولاً عن ترك أحد الأبواب مفتوحًا بالليل، على يد طفل لم يتعلم كيف يكون مسؤولاً عن ذلك، وعن مدى إضراره بكامل المنزل. 

وما يطبق في البيت، يجب أن يطبق أيضًا في الحي، والمجتمع، وفي الشارع. فمسؤولية السائق أن يتبع بكل حرص ودقة قوانين المرور، حتى لا يجبر غيره من المشاة والسائقين، على ارتكاب الأخطاء. 

وينطبق ذلك على نظام وهيكلية الحكومات، ونظام الدول، فكلما وزعت المسؤوليات على الكفاءات، والمختصين، مرت الأمور بسلام وبدون كوارث، ولا بعقاب لمسؤول، ولا بضياع لمتسبب في فساد، أو مظلمة. 

إنها ملحمة مسؤوليات متداخلة، متناسقة منظمة، والإخلال في جزء بسيط منها ولا شك سيؤدي لكارثة ضياع المسؤولية. 

http://www.al-jazirah.com/20110818/cu14d.htm

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق