الأربعاء، 18 مايو 2011

سمات شخصيتك...تؤثر على صحتك..

هل أنت شخص عدواني، هاديء، متوتر أم اجتماعي؟
مهما كانت شخصيتك فاعلم أن سماتها تلعب دورا هاما في حالتك الصحية، فهل يمكن لشخصيتك قتلك؟ هل يمكن أن تمنحك عمرا أطول؟ هل يمكن أن تسبب لك أمراض القلب أو تقيك من المرض؟ هل يمكن أن تكون سببا لدفعك إلى عيادة الدكتور أو إبعادك عنها ؟
إن سمات الشخصية لها دور منفرد وواضح في تحديد إلى أي مدى تكون صحتنا، يقول الخبراء أن هناك علاقة بين كل شيء في الحياة، فإلى أي حد أنت متوتر أو غاضب، وكيف تتفاعل مع العالم؟
يتوقف جزء كبير من هذا على نمط السمات الخاصة بك، وهذا ما يؤكده السيد (مايكل ميلر) رئيس تحرير رسالة هارفارد للصحة النفسية حيث يقول: "وهذا سوف يكون له تأثير هائل على صحتك".

الشخصية العدوانية:
الشخصية العدوانية هي أحد أوجه العنف وعدم الصبر، فهي نوع صعب التحكم به، ويعرف عن هذه الشخصية أنها من أهم الأسباب المعروفة التي تؤدي إلى خطر الإصابة بأمراض القلب.
وتتسم هذه الشخصية بما يلي:
- لا تتحكم في ردود أفعالها.
- لا تستجيب لنصيحة من حولها.
- تميل إلى حل المشكلات بطريقة عنيفة.
- تتناول الطعام بكثرة وشراهة.
- تميل إلى التدخين بشكل متزايد عن غيرها.
- قليلة جدا في ممارسة الرياضة.

وبناء على السمات السابقة تصبح هذه الشخصية عرضة لكثير من المشكلات الخطيرة وتتلخص فيما يلي:
يقول الدكتور(ريدفورد وليامز) رئيس قسم الطب السلوكي في المركز الطبي بجامعة (ديوك) ومؤلف كتاب(Anger Kills) ويعني بالعربية: (الغضب يقتل):
إن الشخص صاحب الشخصية العدوانية هو الأكثر عرضة للمشكلات التالية:
- عدم انتظام ضربات القلب.
-الجلطات التي تؤدي للوفاة قبل أن يصل سن الخمسين.
- ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزون المسبب للتوتر.
- زيادة التهاب جدران الشرايين التاجية.
- زيادة احتمالات الإصابة بنوبات قلبية.

ما يجب اتخاذه للعلاج:
يعلن الأطباء المختصون أن نوع الشخصية ليس حجرا لا يمكن النقش عليه، إنما هو مشكلة يمكن التعامل معها وحلها بالجهد والمتابعة مع الخبراء النفسيون، فمثلا الشخص العدواني الذي يذهب إلى جلسات نفسية ويمارس مهارات تساعده على التحكم في نفسه أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب ويتمتع بضغط دم صحي فهو أفضل ممن لا يتخذ أي خطوة للعلاج.

وهنا بعض طرق العلاج التي ينصح بها الأطباء:
- تعلم كيفية التحكم في الغضب.
- تعلم كيفية التعامل مع الآخرين بطريقة واضحة.
- التحكم والسيطرة على المشاعر السلبية.
- سؤال النفس أربعة أسئلة عند الغضب وهي:
1- هل هذا الموضوع يستحق هذا الاهتمام؟
2- هل ما ينتابني من مشاعر تجاهه مناسب مع الحقائق؟
3- هل يمكنني تعديل الوضع بطريقة إيجابية؟
4- هل يستحق ما اتخذت من موقف؟
- التأمل
- التنفس بعمق.
- اليوغا فلها القدرة على تهدئة ثورة الغضب والعدوانية بطبقة من الهدوء تضفيها عليك.
الشخصية المتهورة:
تتسم هذه الشخصية بصفات قد تكون إيجابية لكنها كسلاح ذي حدين فنجد أن بها الكثير من السلبيات ومنها:
- شخصية تنافسية أي لها القدرة على خوض المصاعب وهذا جيد لكن تصبح أكثر عرضة للصدمات.
- شخصية دافعة للنجاح
- تميل إلى تحقيق أهدافها بالطرق السريعة.
- تتصرف بدون تفكير.
- عرضة لتحمل المخاطر.
وهذه السمات ليست صحية على الدوام.
ونتيجة لهذا التهور والتسرع في اتخاذ القرارات الحياتية تصبح عرضة لما يلي:
- تتعرض للكثير من الصدمات.
- تسيطر عليهك سمة الانتهازية.
- احتمالية تدمير مستقبلك نتيجة لعدم التفكير في عواقب ما تختار.
- التعرض للإحباط وما يليه من أمراض متعلقة.

الشخصية المتأنية:
وهي من الشخصيات الإيجابية التي تعود على صاحبها بالنفع الكبير فنجدها تتسم بالسمات التالية:
- تعيش اللحظة.
- هادئة.
- تتحكم في التوتر والغضب.
- متأنية في اتخاذ القرارات.

وتترجم السمات السابقة في الحالة الصحية والنفسية المستقرة المتمثلة فيما يلي:
- تحصل على أعلى متعة من الحياة.
- أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب.
- تملك جهاز مناعي قوي لأنها قليلة التوتر.
ويضيف خبراء علم الطب النفسي أن الشخص الذي يحرر نفسه من قيد التوتر والانفعال يعيش حياة طويلة مريحة ويمنح الصحة لقلبه، وفي النهاية تتميز هذه الشخصية بالإيمان بالقضاء والقدر والقدرة على الصبر حتى تواجه ما يقابلها من مشكلات.

الشخصية المنبسطة:
يمكن أن نطلق على الشخصية المنبسطة الشخصية الاجتماعية فهي شخصية قادرة على الاندماج في المجتمع الذي تعيش فيه وتتسم ببعض السمات الإيجابية كما يلي:
- تملك روابط اجتماعية قوية
- شخصية مشاركة في كل المواقف.
- لا تتمركز حول نفسها.
- معطاءة.
وهذا يعود عليها بالكثير من المنافع التي أثبتتها دراسات عدة ومنها حوالي 148 دراسة تحليلية نشرت في جريدة إلكترونية تدعى (ploS) الطبية في شهر يوليو، وجدت أن معدل الأشخاص البالغين الذين تمت عليهم الدراسة وكانوا يتسمون باندماجهم في صداقات قوية عديدة كانوا هم الأكثر بنسبة 50% للعيش والتعايش حتى انتهت دراستهم عن غيرهم من الأشخاص ذوي الصداقات القليلة.
وهنا دراسة تمت عام 2009 نشرت في جريدة (وجهات نظر في علم النفس) أشارت إلى أن الدعم الاجتماعي يؤدي إلى تحسين مهارات التكيف والسلوك الصحي والالتزام بالعادات الصحية.
الإيجابيات التي تفوز بها الشخصية المنبسطة
- تقوية الجهاز المناعي.
- التمتع بالصحة الجيدة.
- السلوك المعتدل.
- تكوين صداقات عديدة.
- عدم الشعور بالوحدة.

وهذه النظرة الإيجابية للحياة تجعل هذا الشخص يسعى لما هو في الصالح وينظر إلى ما يفعله الآخرون من إيجابيات ويحاول تقليده لأنه جزء من هذا المجتمع المحيط به.
المهم ان يكون المجتمع حسن الصفات والسلوك
الشخصية التابعة:

هذا النوع أيضا له جوانبه الإيجابية والسلبية معا فهيا نتعرف على أهم سماتها:
- تمتثل لأوامر وآراء الآخرين.
- سلبية لا تتخذ موقف خاص بها.
- حريصة على التكيف مع الظروف المحيطة بها.
- صبورة جدا.

ويمكن أن تكون هذه السمات جيدة من نواحي معينة لأن صاحب هذه الشخصية ينفذ الأوامر والتعليمات، فإذا كان مريضا يمكنه تناول الدواء المناسب بالجرعات الصحيحة وفي الوقت الصحيح.
المشكلة أن هذا النوع يستسلم للقدر ويرضى بحالته مهما كانت سيئة، ولا يقوم بأي خطوة إيجابية بنفسه لنفسه؛ لأنه يصبح دائما بحاجة إلى من يدفعه للأمام.

- فإذا كان مريض بحاجة إلى العلاج لا يذهب للطبيب من نفسه وإذا لم يجد من يدفعه يهمل صحته ويظل يشكوا للآخرين حتى يظهر أحدهم وينصحه بالذهاب لطبيب معين.
وهو شخص غارق في مشكلاته ولا ينتبه لها بل يتكيف معها ويصيبه اليأس فيميل إلى الإحجام بدلا من الإقدام ويقول لنفسه ماذا بوسعي أن أفعل فليكن ما يكون.
الشخصية البائسة المقهورة:

من أكثر الشخصيات معاناة فهي لا تؤذي أحدا إلا نفسها وتتسم بالآتي:
- حزينة.
- تنكب على المشاعر السلبية الموجعة.
- تخشى التعبير عن نفسها في المواقف الاجتماعية.
- مفرطة في النقد الذاتي مما يشعرها دائما بالذنب.

وبهذا تصبح عرضة إلى مخاطر صحية ونفسية مدمرة تتمثل في:
- أنها أكثر عرضة لمشكلات القلب وهذا وفقا لدراسة حديثة في الدورة الدموية والأوعية القلبية.
- تتعرض للقهر الذاتي.
- تعاطي المخدرات.
- الاكتئاب.
- القلق.
وأفضل علاج لهذه الشخصية هو محاولة التصرف بطريقة تشعرها بالرضى عن نفسها بشكل إيجابي.
الشخصية المتفائلة مقابل الشخصية المتشائمة:

أولا الشخص المتفائل:
يؤثر التفائل بشدة على الصحة العقلية والبدنية، هذا ما لخصته دراسة نشرت في مجلة (علم الأوبئة والممارسة السريرية) في مجال الصحة العقلية بعد قيام الباحثون بتتبع أكثر من 500 رجل لمدة 15عاما، حيث انخفض معدل الوفيات المتعلقة بأمراض القلب بنسبة 50% لدى المتفائلين منهم عنها بين الأشخاص المتشائمين.

وقد استنتج الباحثون من هذه الدراسة ما يلي:
- يتمتع الشخص المتفائل بمستوى معيشي مرتفع وجيد.
- هو أكثر مرونة في التعامل مع المشكلات.
- أفضل من غيره في إدارة الأمور.
- أقل تعرضا للأمراض.

ملحوظة هامة:
أحيانا يسبب التفاؤل الزائد مشكلات خطيرة، فالمتفائل ينظر دائما للوجه الجميل الوردي ولا يركز على الوجه القبيح، فقد يدمن التدخين متفائلا أنه لن يصاب بالأمراض لكن يحدث العكس ويموت نتيجة لذلك، أو لا يذاكر الطالب متفائلا أنه يمكن له الإجابة عن أي سؤال وينتهي به الحال للرسوب في الامتحان، وهذا هو التفاؤل السلبي.

صحيح أنه يجب أن تكون نظرتنا للحياة نظرة متفائلة، لكن ذلك يجب أن يكون مع الجهد والعرق أي علينا بالتوكل والبعد عن التواكل.

ثانيا الشخص المتشائم
الشخص المتتشائم هو من ينظر دائما إلى النصف الفارغ من الزجاجة فهو يتسم بالآتي:
- يركز على الجوانب السيئة ويغمض عينيه عن الحوانب الجيدة.
- يميل أكثر للاكتئاب.
- يعاني من القلق بصفة دائمة.

الشخصية القادرة على الشفاء الذتي
يعلن خبراء علم النفس ومنهم الدكتور(هوارد فريدمان)أستاذ علم النفس بجامعة كاليفورننيا بمدينة ريفرسايد الذي يصرح بسمات هذه الشخصية الرائعة، فيقول أنها شخصية تتميز بما يلي:
- مهتمة بالغير.
- ذات ضمير قوي.
- حساسة وسريعة الاستجابة.
- ذات سلوكيات إيجابية.
- تمارس الكثير من الأنشطة البدنية.
- أقل ميلا للتدخين وتعاطي المخدرات.
وتترجم هذه الصفات الإيجابية إلى فوائد منها:
- التحمس للحياة.
- التوازن العاطفي.
- العلاقات الاجتماعية القوية.

وهذا لأن العواطف الإيجابية تزيد من إفراز هرمونات السعادة القادرة على مقاومة القلق، فهذه الشخصية تعيش عمرا أطول وتتمتع بالسلوك القويم.
لذلك علينا النظر بدقة إلى تفاصيل شخصيتنا وتدعيم ما بها من سمات إيجابية والتخلص مما بها من سمات سلبية وهذا شيء غير مستحيل، حتى نتجنب الكثير والكثير من المخاطر الصحية والنفسية ونستمتع بحياة سعيدة ومتفائلة.

الموضوع مشاركة من اختنا ( Al Mahaa )

الاثنين، 16 مايو 2011

رحيل أختنا هديل وهي في ريعان شبابها (24)




أحاول في موقعي قدر المستطاع أن أختصر المواضيع والمقالات التي أقتبسها من هنا وهناك، ولكن أستثني هذا التقرير من أي اقتباس.. لأجل هديل..
هديل محمد عبد الرحمن الحضيف (1983-2008): قاصة ومدونة سعودية حاصلة على درجة البكالوريوس (رياض أطفال) من كلية التربية، من جامعة الملك سعود. كان لها أثرٌ ملموس في عالم التدوين والقصة في السعودية في حين لم يتجاوز عمرها الخامسة والعشرين عاماً، واعتبرها كثير من المدونين في السعودية إحدى أبرز رائداته، كما كان لها الدور البارز في حملة المطالبة بالإفراج عن المدون فؤاد الفرحان ومن جهودها في ذلك إنشاء مجموعة freefouad على الفيس بوك، إلا أنها دخلت في غيبوبة مفاجأة أدت لوفاتها قبيل الإفراج عن الفرحان بعدة أيام.
قال فؤاد الفرحان على تويتر متذكرا ما حصل معه:
في بدايات التدوين السعودي، كنا قليلين جدا. أنشأنا مجموعة بريدية سرية اسمها: مدونون مشاغبون. ماتت تلك المجموعة بموت هديل، كنا نتحاور حول التدوين والسياسة والمعتقلين ووضع البلد. كنا نراجع ونصحح تدوينات بعضنا البعض الحساسة قبل النشر، كانت كل مشاركة لأختنا هديل في مدونون مشاغبون مشاركة ذات معنى وبعد ومنطق وعقل. كانت هديل مثل المنارة لنا نقتدي بها ونتعلم منها، قبل سجني بأيام، تم اعتقال الأخ علي القرني فاستيقنت أن ساعتي قربت. لجأت لهديل ومجموعتنا السرية لاستشارتهم في الأمر. من لا يخاف السجن؟
لم أقل لهم أنني مهدد ولكني ابتكرت حيلة كنت أتوقع أنها ستنجح! قلت للرفاق: ما رأيكم لو قمنا بحملة تدوينية بعنوان مدونون ضد الإرهاب؟، قلت لهم: أعرف أصدقاء تم اعتقالهم ولا علاقة لهم بالإرهاب، لو عملنا حملة تحت هذا العنوان، ربما الدولة لن تعتقل أحدنا لأننا واضحين، اختلفنا في مجموعتنا السرية الصغيرة مدونون مشاغبون، الأغلبية رأت أنه ليس مطلوب منا توضيح موقفنا ولا يجب أن نخضع للضغط فنحن أبرياء، كان رأي هديل: من حق أي منا تدوين ما يريد حول هذا الشأن ولكن توضيح موقف المدون من الإرهاب لن يمنع الدولة من اعتقاله إن أرادت ذلك، قلت لهم في نهاية النقاش الطويل: سأكتفي بما دونت سابقاً عن الإرهاب في مدونتي وأعتقد أن فيه كفاية ليمنع الاعتقال ربما كنت ساذجاً، كنت أشعر أنهم قادمون، حذفت كل ايميلات ومراسلات مجموعتنا مدونون مشاغبون من بريدي وبقيت أعد الساعات داعياً الله أن لا يحصل شيء، تذكرت أن الناس يُسجنون في السجون سنوات وعقود وبالذات إذا أشيع أن لهم علاقة بالإرهاب. لم أكن أريد أن أُنسى في السجن مثل الآخرين، يوسف عليه السلام قاله لصاحبه قبل أن يغادر السجن: اذكرني عند ربك ! أي أعلم المسؤول والناس بقضيتي حتى لا أُنس في السجن. يوسف كان نبي، كنت مستيقن أن هديل وباقي الإخوة والأخوات في مدونون مشاغبون وغيرهم ممن لا يرضى الظلم لن ينسون قضيتي ولكن شعرت أنه يجب أن أفعل شيء آخر، قررت أن أترك باسوورد مدونتي لدى شخص ما لكي يحدثها وينشر فيها مواد عن قضيتي لكي لا أُنسى في السجن. كنت سأراسل هديل لتقوم بذلك، كنت أعلم أن الجماعة سيعرفون أن هديل هي من يدير المدونة، لذلك تركت الباسوورد لدى صديق عربي في هولندا! مكان لا يمكن لهم الوصول إليه.
سبب سجني الرئيسي كان أنني دونت عن إصلاحيي جدة العشرة في مدونتي والشهادة لهم بأنهم إصلاحيين أصحاب مشروع وليسوا إرهابيين كما نشر، بعد سجني، تداول الإخوة والأخوات وعلى رأسهم المرحومة هديل في مجموعة مدونون مشاغبون موضوعي ورتبوا لعمل حملة للمطالبة بالإفراج عني، هديل رحمها الله كانت على رأس القائمين على هذه الحملة وباقي الأسماء يعرفها الله ولا ينسى لهم الأجر وأسأله أن لا يريهم مكروه، في السجن، اعترفت بكل تدويناتي وقلت لهم أنها منشورة مسبقاً بإسمي وعلى أعلى المدونة صورتي. وأنا قلت شهادة في حق أناس أراهم أبرياء، أما عن مشروعهم الإصلاحي، فلست جزء منه لأنني لم أستشار فيه ولا أعرف تفاصيله ولم أطلع عليه. أعرف فقط أنهم ليسوا ارهابيين وهذا حدي، تفجرت القضية اعلامياً واكتشفوا أن هناك من يحدث مدونتي وأنا في سجني، حاولوا معرفة من لديه الباسوورد ومن من بين الأصدقاء يدير المدونة، حققوا معي إن كانت هديل من يدير المدونة ولديها الباسوورد أم خالد الناصر أم زوجتي أم رغد، قالوا بأنهم سيستجوبون الأصدقاء حتى يعرفون الحقيقة. قلت لهم بأنني لست مجنون لكي أترك الباسوورد عند أحد الإخوة والأخوات لكي تعتقلونهم، بعد حوالي شهرين وبعد أن هددني المحققين مرات كثيره بأنهم مؤمنين أن زوجتي عائشة هي من تدير المدونة وبأنهم سوف يعتقلونها اضطررت للتحدث، في تلك الليلة، أخذوني لمدير التحقيقات آخر الليل. قال: علي الطلاق والحرام وأقسم بالله ثلاث إن لم تعترف لنحضر زوجتك هنا على هذا الكرسي، قال: أمامك 24 ساعة لتراجع نفسك ثم تعود لتعترف إن لم تريد أن نحضر زوجتك ونحقق معها ونرميها في زنزانة في السجن مثل زوجة علي الفقعسي، كنت أعتقد أن التهديد بسجن الزوجة يمارس في تونس وسوريا وكوريا الشمالية وإيران، ولم أكن أعتقد أن التهديد بالعرض يحصل بيننا، قررت أن أعترف لهم بكل القصة تحت ضغط التهديد بسجن زوجتي. كان شعور مذل وهم أساتذة في الإذلال. أخذوا ما يريدون وسألوني لماذا فعلت ذلك؟، قلت لهم: لم أرفع سلاح عندما أتيتم لاعتقالي ولم أهرب من البلد ولكن من حق زوجتي وأمي وعائلتي والناس أن يعلمون لماذا سجنت وما هي جريمتي، طوال 137 يوم كنت في زنزانة انفرادية لم أرى الشمس مرة ولا التلفاز أو صحيفة أو كتاب أو راديو. مخدة ومفرش وبطانية وكتاب الله ونعم به، أخذوني لقاضي لكي أصادق على اعترافي بكتابة أربعة تدوينات كنت أصلاً معترف بها منذ نشرها بإسمي. بعد 137 يوم أفرجوا عني في آخر الليل، وصلت البيت وقالت لي زوجتي عائشة أن هديل دخلت في غيبوبة وأنها في المستشفى منذ أيام وأن حالتها صعبة جداً، كتبت لبعض الأصدقاء.. ليتني لم أخرج .. ليتني بقيت في زنزانتي لا أعلم ما حصل لهديل.. أيام بعدها وغادرت هديل هذه الحياة، كنت دائماً أفكر أن أراسل هديل لكي أسألها سؤال واحد: أريد لصغيرتي رغد أن تكبر لتصبح مثلك، ما الذي ساعدك في حياتك لتصبحي أنت؟
حاولت الكتابة كثيراً عن هديل ولكن والله عجزت. شاركت مع آخرين في إطلاق جائزة هديل للإعلام الجديد وكانت مساهمتي تافهة مقارنة بالآخرين، بعد وفاة هديل بأيام، زرت والدها لنعزيه. حاولت استرجال كلمة للتعبير عن حزني ووالله لا أذكر يوم في حياتي تلعثمت فيه مثل ذلك اليوم.” http://www.snyar.net/?p=11668

********************************


نعم, رحلت هديل. انتظرنا أخباراً مفرحة تبشرنا باستيقاظها من الغيبوبة ولكن لا مغير لأمر الله عز وجل ونحن راضون بقضاء الله وحكمته ولا نملك الا الامتثال لأمره والرضا بقضائه. في يوم الجمعة انتقلت هديل الى جوار ربها وقبل ذالك باسبوعين في يوم الجمعة أيضا توفي ابن عمتي. كلنا نحزن عند موت الأقارب ورفقاء الدرب, نحزن ايضا لفراق الأصحاب والمعارف وفي كل موقف كهذا الحزن الذي أشعر به ينقسم الى ثلاث أحزان – الحزن الأول (حزن ممزوج بالصدمة) هو عند سماع الخبر عندما أعي أنني لن أرى أو أسمع الشخص المرحوم مرة أخرى في هذه الدنيا, الشيئ الذي لا يستوعبه العقل في اللحظات الأولى. الحزن الثاني (حزن مخلوط بالخوف) هو عند انزال الميت الى قبره والبدء في تهييل التراب عليه وعندها أفهم أن فرصته في هذه الدنيا وصلت الى نهايتها وهو الان سيواجه أهوال القبر وسيبدأ حسابه. الحزن الثالث (حزن ممزوج بالحسرة) هو عندما أنظر الى حالي بسبب التقصير في حق الله عز وجل, كيف قبض الله روح ذالك الشخص ولم يقبض روحي وأعطاني فرصة أخرى فكلنا مقصرون وكلنا غير راضون عن حالنا ولا يوجد أحد على وجه البسيطة يدخل الجنة بعمله حتى رسول الله صلوات الله عليه إلا أن يتغمده الله برحمته.
( قل ارأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم )



في اليوم الذي توفيت به هديل رحمها الله, خرجت في ساعات المساء الى الدكان لأشتري بعض الأغراض للمنزل. كنت حزيناً في تلك الليلة وبدا الحزن على وجهي حتى استوقفني أحد الأشخاص وسألني ما بك حزين ؟ بماذا أجيبه ؟ لو قلت له (مدونة) فهو لن يعرف ما هي المدونة فكيف أشرح له ماذا حصل ؟ أجبته أنني متعب قليلاً وان شاء الله سيزول هذا التعب. هذا الموقف أثبت لي أننا في عالم التدوين أسرة واحدة, نحزن معاً ونفرح معاً.

مع رحيل أختنا هديل وهي في ريعان شبابها (24) علينا أن نعرف أن الموت يأتينا بغتة فنجد أن ذالك الشاب بكامل صحته وقوته يموت فجأة وهو في العشرينات من عمره بينما ذالك الشخص الهرم المريض يعيش 35 سنة أخرى. تخيّل نفسك وأنت على مقاعد الدراسة تقوم بحل أسئلة اختبار مهم فيأتي المراقب ويسحب منك ورقة الاختبار بعد 50 دقيقة مع ان الوقت المتاح لك 3 ساعات. كيف سيكون موفقك ؟ احتمال كبير أنّ النتيجة سوف تكون سلبية الا اذا كنت مستعدا لهذا الاختبار على أكمل وجه. لذالك علينا أن نستعد دائما للقاء الله عز وجل فالدنيا مليئة بالمفاجآت.

لم نسمع عن هديل الا خيراً وخاتمتها طيبة باذن الله عز وجل. والدها صبر على المر وسوف يصبر على المر مع هذا الابتلاء الجديد وان الله عز وجل لا يبتلي عبداً من عباده عبثا فمع الابتلاء والصبر سيصل العبد الى درجات أعلى في الجنة وهذه الدرجات لا يمكن الوصول اليها مع الصلاة والصدقة والصيام. هنالك حكمة في الابتلاء وان شاء الله عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء.

ماذا نستطيع أن نقدم لهديل بعد موتها ؟ اقتراحي هو أن نتصدق عنها من أجل بناء مسجد وهو من أفضل ما تبذل فيه الصدقات ولهذا الغرض نحتاج الى مبادرة أولية من الشخص الملائم في المكان الملائم لينطلق هذا المشروع الذي سيشارك به باذن الله المئات بل الآلاف من السباقين الى عمل الخير. الميت بحاجة الى صدقة جارية ومن واجبنا ان ندعي للأخت هديل وأن نستغفر لها وأن نتصدقّ عنها.
رحمك الله يا هديل. http://www.rasheed-b.com/2008/05/18/hadeel-demise-we-grieve-for-three-reasons/


 على قناة الجزيرة 










عنوان مدونتها : http://www.hdeel.org/blog/

الثلاثاء، 10 مايو 2011

حملة شبابية لإسقاط القوائم الذهبية من المجالس البلدية

تعود الشعب السعودي ان يكون المسؤول شخصية معروفة بوجاهة اجتماعية .. وبالتالي يكون ترشيحه خاطئا ..

في نداء عبر مجموعتهم "أحباب الوطن" على الفيس بوك
شباب السعودية لأعضاء البلديات: اخرجوا عن صمتكم واكشفوا الحقيقة
خالد علي – سبق – جدة: أصدر عدد كبير من شباب السعودية وشاباتها اليوم بياناً، يطالبون فيه أعضاء المجالس البلدية الحاليين بما أسموه "الخروج عن الصمت، والكشف عن حقيقة ما دار في دورتهم الأولى"، في ظل تواصُل الجدل الدائر حول جدوى المشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة.

ووجَّه الشباب عبر مجموعتهم "أحباب الوطن" على الفيس بوك نداء إلى من "ائتمناكم فمنحناكم أصواتنا، وكنا واثقين حينها بأنكم ستكونون أمناء على بلدنا، كما كنا نعتقد أنكم إن رأيتم الخير ستدلوننا عليه، وإن رأيتم التقصير والخلل فلن تكتموا عنا، أو تسهموا في تضليلنا".

وأعربوا عن رغبتهم في أن يقدم أعضاء المجالس البلدية ما يُثبت عكس اتهامهم بالتقصير والضعف والخوف عبر الكشف عن تفاصيل ما دار خلال الدورة الأولى، قائلين: "فإن أنجزتم فلتكشفوا لنا ما أنجزتموه، وإن لم تستطيعوا فلتعرّوا مَوَاطن الخلل، وماهية العقبات التي اعترضتكم، بكل شجاعة نعتقدها فيكم".

وأوضح أحد الموقِّعين على البيان أنه وزملاءه يحدوهم الأمل بأن يستجيب أعضاء المجالس البلدية لندائهم، ويخرجوا لتبيان الحقائق، خاصة أن نتائج الدورة الأولى انعكست بالعزوف عن التسجيل في الانتخابات القادمة.

كما وجّه نداء إلى أقرانه من الشباب للمشاركة في التوقيع على البيان عبر صفحة المجموعة على الفيس بوك، مؤكداً أنه في حال عدم الاستجابة فإن الشباب سيُحمِّلون الأعضاء الحاليين فشل التجربة المقبلة.
تعالوا ننصت لهذا التقريرالرائع بمقاطع الفديو :
(1)


(2)

(3)


مجالس البلديات بدون صلاحيات ..!!؟


نبدأ ب ضمير مستتر:
المجالس البلدية عديمة الفعالية لكونها لا تخضع لأمير المنطقة
بل تحت إشراف و متابعة نفس جهاز الأمانة و البلديات و القرويات و هذا خطأ تنظيمي جسيم
**(لاحاجة لمجتمعنا إلى مزيد من المسكنات في عصر تستفحل فيه المعضلات.. وتنذر بأخطاء شتى).

نشر الرسالةمجالس عديمة الفعالية


** ما لم يتغير نظام المجالس البلدية بصورة جذرية..
** وما لم تُعط هذه المجالس صلاحيات كافية وحقيقية..
** وما لم تمكَّن من ممارسة وظيفتها الرقابية على الأنشطة والخدمات البلدية..
** وما لم تكن عين المواطن.. وسمعه.. وكل حواسه..
** فإنه لا قيمة لها.. ولا فائدة من ورائها.. ولا أهمية لوجودها..
** فلقد فرحنا بانتخاب أعضائها كثيراً.. وكنا نعتقد أن خطوة مهمة قد تحققت وهي في الحقيقة كذلك.. لكننا ما لبثنا أن وجدنا أنّ هذه المجالس لا تستطيع أن تقدم.. أو تؤخر شيئاً.. وانها ليست إلا حلقة جديدة من حلقات «الوجاهة» وإطلاق التصريحات الرنانة.. والاستعراض للعضلات في بعض الأحيان.. تماماً كما يقول المثل الدارج «أسمع جعجعة.. ولا أرى طِحناً»..
** والعيب ليس في ميل بعض أعضاء المجالس أو رؤسائها للظهور الكثيف في وسائل الإعلام «الحارقة» فقط.. وإنما العيب في النظام الذي لم يعطهم الصلاحية الكافية للقيام بدور رقابي على الأعمال والخدمات البلدية المتدنية في الكثير من المدن الكبيرة.. ومن باب أولى أن تكون الحال أسوأ من ذلك في المدن أو القرى والمراكز النائية من المملكة..
** وما لم تكن هذه المجالس جهة رقابية حقيقية.. فإنه لا فارق بين أن يُعين أعضاؤها، أو أن ينتخبوا.. كما أن لا فارق ايضاً بين أن تكون موجودة أو لا تكون بالمرة..
** وإذا أريد لها أن تقوم بدور فعال في تعقب الأخطاء وأوجه القصور وإصلاح الأوضاع البلدية.. بحيث يُحس بها المواطن.. ويشعر بأنها تنوب عنه.. وتخفف من معاناته مع أمانات المدن.. ومع الخدمات المتدنية.. وضد «الرشاوى» المهولة.. أو التعطيل لمصالح الناس.. وأعمال السمسرة.. والتمييز بين عباد الله..
** إذا أُريد لها أن تكون كذلك فإن علينا أن نضع النظام الحالي جانباً.. وأن نعيد كتابة نظام جديد يأخذ في حسابه بالكثير من المتغيرات الجديدة.. ومن المطالب المختلفة.. ومن الاحترام لحقوق المواطن في أن يشارك في مراقبة أجهزة الخدمة من خلال ممثلين في مثل هذه المجالس.. باعتبارها مجالس منتخبة.. وليست مجالس «شكلية» لممارسة غائية.. ولأدوار مطلوبة وبصورة ملحة حتى تستقيم الأمور.. ولا تتفاقم الأخطاء..
** هذا الكلام يقوله كل الناس بل ويترجمونه - هذه الأيام - إلى شبه مقاطعة لانتخابات المجالس البلدية الجاري الاعداد لها الآن..
** وما نشرته جريدة الحياة في عددها الصادر يوم الجمعة الماضي.. وفي صدر صفحتها الأولى يؤكد ذلك.. ويعبر عنه.. ويجسده.
** فقد ذكرت الصحيفة «أن عدد المواطنين الذين سجلوا أسماءهم ضمن قيد الناخبين في مدينة الرياض على مدى (١٥) يوماً لم يتجاوز (٢١٠٠) شخص.. بمعدل ١٤٠ شخصاً يومياً».
** ولا أعتقد ان هذه المعدلات بعيدة عن معدلات المناطق الأخرى.. إن هي لم تكن أقل بكثير.. وقد تكون هناك محافظات لم يزد عدد المتقدمين فيها لتسجيل اسمائهم على عدد أصابع اليدين.. فلماذا يحدث هذا؟!
** يحدث لأن الناس لم تجد في هذه المجالس نفسها..
** ويحدث لأن هذه المجالس لم تغير في الواقع شيئاً..
** ويحدث لأن سطوة الأمانات على هذه المجالس مازالت أقوى.. وأنها لا تكاد تقوم بأعمال تختلف عن الأدوار والأقسام التي تقوم بها أقسام الأمانات المعنية بالخدمات.. وبنفس الوتيرة التقليدية المعتادة.. وبنفس الأخطاء المتكررة.. وبنفس الاهمال واللامبالاة لمصالح وشكاوى الناس وتضررهم منها..
** وهذا يعني أن المواطن عديم الثقة في هذه المجالس.. لأن دورها لا يتجاوز حدود «المشورة» غير الملزمة.. ولأن تقاريرها لا تكاد ترى النور.. ولأن ملاحظاتها لا تعدو أن تكون مجرد امتصاص لحماس الناس.. حتى وإن توهمت بعض المجالس انها قد تمكنت من عمل شيء يحسب لها..
** وأنا بهذا لا أنتقد هذه المجالس.. ولكنني أشفق عليها من توقعات الناس لما ينتظرون منها.. ومن حالة الاحباط التي أوصلتهم هذه المجالس إليها.. رغماً عنها..
** وكما قلت في البداية.. فإن بقاء هذه المجالس على ما هي عليه الآن.. ودون صلاحيات.. هو وضع لا معنى له.. ولا حاجة للمجتمع إليه.. وبالتالي فإن الاعلان مجرد الاعلان عن وجود توجه نحو منح هذه المجالس سلطات رقابية كافية في ضوء تعديل نظامها الحالي قد ينعش آمال الناس ويجعلهم يتدفقون على مراكز التسجيل.. وإلا فإن الأمر لن يتغير كثيراً.
عادل محمد سليمان عبده
نعم لغذاء العقول لا لغذاء البطون
الناس تتعطش للحرية و العيش بكرامة لا جياع بطون
يكفينا ما حصل في جدة من كوارث متكررة
و كأنها لا يوجد فيها رجل فهيم
عار علينا أن تتكرر علينا الكوارث دون إيجاد الحلول

الجمعة، 6 مايو 2011

90% من مشاكلنا نحن نصنعها :


خطة تسعين على عشرة، غير حياتك
 لقد توصل الباحث ستيفن كوفي الى معادلة غاية في الاهمية فادها ان 10% فقط مما يحدث لنا خارج عن نطاقنا او اردتنا. اي اننا نقبله كأمر محتوم لا بد منه، اما 90% الباقية فهي من صنع ايدينا. وتعتمد 100% على الطريقة التي يعالج بها الوضع او الموقف الذي يواجهه.
وكي لا تظنوا ان العملية صعبة وتحتاج الى تفكير كبير فهي بالعكس غاية في البساطة اذا تحكمنا في اعصابنا وعالجنا الامور بشيء من الروية، ويعتقد الباحث كوفي بان نظريته البسيطة قادرة على تغيير حياة كل من يعمل بها الى 180 درجة.
لنبدأ بتفاصيل الخطة : ليس بامكاننا مثلا ان نمنع السيارة من ان تتعطل في منتصف الطريق، مما قصد يسبب في ارباك مشوارنا ومواعيدنا و خطة سيرنا. كام لا نستطيع التحكم بتاخر اقلاع الطائرة، مما قد يربك بدوره مواعدينا وسفرنا واعمالنا. وربما وجهت يوما سائقا طائشا اندفع بسرعة امام سيارتنا،فاعاق تقدمنا، وربما تسبب لنا بازعاج شديد. بالطبع لا حول لنا ولا قوة  على الامثلة السابقة، فنحن مغلوب على امرنا بشأنها. لكن تلك الامثلة لا تشكل سوى عشرة في المئة من المشكلة فقط، لكن التسعون في المئة المتبقية فهي تحت تصرفنا.
صحيح انه ليس باستطتاعك التحكم بالضوء الاحمر في اشارات المرور، لكن باستطاعتك التحكم في رد فعلك، لا تدع الاخرين يخدعوك، فبامكانك التحكم في الطريقة التي ترد بها على تصرفات الناس، لنأخذ المثال التالي:
ذات صباح وانت تتناول الفطور مع عائلتك تقوم ابنتك دون قصد بسكب فنجان القهوة فوق قميصك الذي ترتديه الى العمل، وبالطبع ان ماحدث ليس لك طاقة عليه، فقد حدث رغما عنك لكن ما سيتبع يمكن ان توجهه بالاتجاه الذي تريد.بعبارة اخرى فان رد فعلك على انسكاب القهوة على القميص لا يفرضه عليك احد. اذا لم ترد بالطريقة المثلى  على حادث اسكاب القهوة سوف تبدأ بالسب والشتم ومن ثم ستوبخ ابنتك شر توبيخ  على تلويث قميصك بالقهوة . وهي بدروها  ستنفجر بالبكاء. وبعد الانتهاء من توبيخ الابنة سوف تتجه الى زوجتك لانتقادها  لانها وضعت الكأس على حافة الطاولة بالقرب من القميص. فيتطور الامر الى مشدات كلامية بينك وبين الزوجة فتندفع مسرعا نحو الطابق الاعلى من المنزل لتغيير القميص ، فيما تواصل ابنتك البكاء في الطابق الارضي، فتنشغل بالبكاء عن تناول فطورها والتحضير للذهاب للمدرسة، فيصل باص المدرسة الى باب المنزل، لكنه يفوتها لانها غير جاهزة بسبب ماحدث. اما الزوجة فتكون بدروها قد تاخرت عن العمل، فتخرج انت مسرعا الى السيارة لتوصيل ابنتك الى المدرسة. وبما انك تاخرت تقود سيارتك بسرعة فائقة على طريق معين تتجاوز ما يامر به القانون على تلك الطريق، وبعد ان تأخرت لربع ساعة يقوم شرطي المرور في هذه الاثناء بتغريمك على مخالفة السرعة الزائدة، فتدخل ابنتك الصف دون ان تقول لك وداعا، اما انت فتصل الى مكتبك متاخرا بعشرين دقيقة لتجد انك نسيت حقيبتك في المنزل.
اختصار فان يومك بدا بداية تعسية، وكلما تقدم الوقت وجدت ان الامور تزداد سوء في ذلك اليوم المشؤوم فتنتظر على احر من الجمر لتعود الى المنزل، وعندما تصل تجد زوجتك مكشرة وابتنك ايضا. من المسؤول عن ما حدث هل  كوب القهوة ام ابنتك ام زوجتك ام الشرطي ام تصرفك الطائش؟ طبعا الجواب الاخير هو الصحيح.
لو تصرفت بطريقة اخرى لكانت النتيجة محتلفة تماما.كان بامكانك مثلا، عندما شاهدت ابنتك على وشك البكاء بسبب سكب القهوة على قميصك ان تقول لها بلطف:"لا بأس يا حبيبتي عليك ان تكوني اكثر حذرا مرة اخرى". وفي هذه الاثناء تتناول منشفة صغيرة وتصعد الى الطابق العلوي لجلب قميص اخر ومعه حقيبتك ، ثم  تنزل  الى الطابق الارضي لترى ابنتك من النافذة وهي تصعد الباص، فتلوح لك بيدها قائلة:" نلقتي بعد الظهيرة يا والدي"  ، اما انت فتصل الى مكتبك قبل 5 دقائق من الموعد الرسمي  لتسلم على على زملائك ، فيعلق مديرك قائلا" لا بد ان يومك طيب للغاية " فترد بابتسامة.
لقد كان امامك سيناروهان، وكلاهما بدأ نفس البداية ، لكن نهاية كل احدهما كان مختلفة تماما عن نهاية الاخر. ذلك مرده الى الطريقة التي تصرفت بها، اي  لم يكن لك طاقة على العشرة في المئة التي حدثت وهي انسكاب القهوة على قميصك، النسبة الباقية انت المتسبب فيها كليا.
امثلة اخرى
اليك امثلة اخرى لخطة عشرة على تسعين. فاذا قال لك مثلا شخص شيئا سلبيا. لا تكن كالاسفنج . دع الهجوم عليك ينزلق  كما ينزلق  الماء على الزجاج. لا تدع الانتقاد يؤثر عليك. ليكن رد فعلك معقولا. فلا يفسد يومك ، ان رد فعل خاطئ قد يفقد صديقا او عملا.
اذا قطع سائق الشارع من امام سيارتك، فلا تفقد اعصابك وتضرب المقود ولا تشتم فيرتفع ضغطك بشكل خطير ما المشكلة اذا تأخرت عن عملك عشر ثوان، لا تجعل السائق الارعن يفسد يومك السعيد.
واذا قيل لك انك فقدت وظيفتك فلا تتاخر عن النوم ولا تقلق ولا تصبح نزقا، فبدلا من استخدام طاقتك في القلق استخدمها في البحث  عن وظيفة جديدة.
واذا تاخر موعد اقلاع الطائرة وارتبكت مواعيدك، فلا تغضب على المضيفات فليس لهن طاقة على ماحدث،بل استغل وقتك في القراءة او التعرف على المسافرين الاخرين ..
ان لم تقتنع .. فأعد القراءة .. تحياتي 

الثلاثاء، 3 مايو 2011

أخطار وأبعاد : نظرية المؤامرة الموهومة أو المبالَغ فيها،

نظرية المؤامرة
كرستها كتابات كثيرة جعلت الواقع يبدو مستحيلا، وهي بدل أن تفضح مخططات الخصم حولته لوحش لا يقبل الهزيمة. جدار مصمت من الذكاء والشر غير قابل للتحدي.إن جوهرها يقول (أنج بنفسك واترك العمل فالشباك والشراك لا يفلت منها أحد) هي سلاح اخترعه بعض الصالحين بحسن نية أو قل بسذاجة متناهية، فأصبح هو أداة القعود. هو شكل من التهويل يقود للهلاك ولكن قلب نظرية المؤامرة لو خففناها لحدود العقل، هي أن الملعب مليء بالمصالح المتناقضة، وأن كل لاعب يخطط ويحتال ليفوز فريقه...د.جاسم سلطان


الخوف من الإسلام وتصاعد الأصوليات في العالم

    

كان لي شرفُ المشاركة في فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة في دورته السادسة والعشرين لعام 1432ه/2011م، وذلك ضمن الندوة الفكرية الكبرى تحت عنوان: (الغرب والخوف من الإسلام "الإسلام فوبيا")، وتقديم ورقة عمل في أحد محاورها تحت عنوان: (الخوف من الإسلام وتصاعد الأصوليات في العالم)، وذلك في قاعة المؤتمرات بجامعة الإمام.
وابتداءً لابد من التأكيد على أننا لا نعني بالأصوليات الأصول الدينية، وإنما هو مصطلح على التطرف الفكري والغلو السلوكي والإرهاب الميداني، وعلى هذا فمن المعروف أن هناك ارتباطا وثيقا بين الخوف من الإسلام بسبب التخويف منه، وبين تصاعد الأصوليات في العالم، وذلك بحيث يتم استغلال بعض التصرفات المتطرفة من بعض المسلمين بتهويلها والمبالغة فيها ومن ثم تعميمها على جميع المسلمين، وجعل الإسلام مسؤولاً عنها، كما أن الأصوليات لا تعني هنا الأصول الإنسانية كقوميات فقط وإنما تعني الأخطر وهي الأصوليات الدينية وتشظياتها نحو الطائفية والمذهبية، ووجود الأصوليات في سقف معين لا يشكل خطورة على المجتمع الإنساني والسلم الاجتماعي، والخوف الحقيقي ليس من أصولية بعض المسلمين، وإنما من تصاعد الأصوليات الأخرى التي تسعى في استفزاز وتصعيد هذه الأصولية الإسلامية، ومن ثم تنتقل من تبني الأصوليات إلى تصعيدها، ومن ثم تنتهي إلى تصادمها لتكوين النتيجة المطلوبة في تفريق المسلمين وضرب الإسلام.
وهذا ما نراه حقيقةً وليس من نظرية المؤامرة الموهومة أو المبالَغ فيها، في حين أن المتابع المحايد في العالم اليوم وطوال القرون الماضية لم يجد أن الأصولية الإسلامية قد اعتدت على الغير، في حين أن الأصوليات الأخرى هي التي اعتدت على بلاد المسلمين وانتهكت حقوقهم، وذلك بالاحتلال والاستعمار والحروب والابتزاز، وإلى اليوم لا نجد أن المسلمين في مربع (الفاعل) وإنما هم في مربع (المفعول به)، وحتى الأصوليات المتصاعدة اليوم يأتي غالبها بدعم خفي من الغرب أو الشرق الذي يقوم على سياسة (فرق تسد)، وإلا فما هو السر وراء عدم تصادم هذه الأصوليات في الغرب مع أنها أكثر عدداً وأعمق تاريخاً في الحروب التي وقعت بينها وذلك بخلاف الأصوليات المحدودة في البلاد الإسلامية وبين المسلمين؟!
وهذا معروف في التصعيد نحو التصادم فيما بين المسلمين كطوائف مثل الشيعة والسنة، وبينهم وبين غير المسلمين في البلاد العربية كما حصل في مصر مع الأقباط وفي السودان مع الجنوب وفي غيرهما من بلاد العرب والمسلمين، وكذلك نجد اليوم بأن إيران تثير الفتن الطائفية خارج أراضيها لمصالحها السياسية والقومية وذلك نحو تحقيق الأجندة الفارسية، في حين أنها تعيش على بحر من الأثنيات المتناقضة التي تفوق بكثير الموجود في البلاد العربية، ومع ذلك لا نجد التصارع فيما بينهم، ما يدل على عدم وجود أيادٍ خارجية تثير هذه الاثنيات كما يحصل في بلادنا العربية من قبل إيران وغيرها، وهكذا في تعامل الغرب معنا بحيث تثير الاثنيات في بعض الحالات لمصالحها، في حين أن المسلمين منذ مئات السنين وهم المظلومون في شتى بقاع الأرض، ولو رأيناهم في آسيا وأفريقيا فضلاً عن أوروبا نفسها كما حصل في البوسنة وكوسوفا وألبانيا لوجدنا بأنهم المعتدى عليهم.
وحتى لو نظرنا إلى جريمة الحادي عشر من سبتمبر والتي شجبها المسلمون عبر العالم لوجدنا أنها في سياق ردود الأفعال من أصولية إسلامية ضد أصولية أخرى انتهكت حقوق المسلمين في العالمين العربي والإسلامي، ولذا وجدنا الرئيس الأمريكي يفلت من لسانه في حربه الانتقامية لهذه الجريمة بقوله إنها حرب صليبية، وهكذا أفعال وردود أفعال لا تقف عند حد معين إلا عند تحكيم العقل وتطبيق العدل. وبمقابل جريمة مانهاتن بنيويورك التي سقط على إثرها ثلاثة آلاف من القتلى المدنيين بيد تسعة عشر من المتطرفين الأصوليين- حسب المعلن عنه - والذين لا يمثلون دولة معينة أو دين الإسلام، فقد قابلها سقوط قرابة المليونين من القتلى والجرحى في أفغانستان والعراق وغيرهما فضلاً عن المعوقين والأيتام والأرامل وحتى اليوم، وذلك بسبب الدولة الكبرى في العالم، والتي بسببها تصاعدت الأصوليات في العراق بين القوميات حيث العرب والأكراد والأتراك وغيرهم، وبين الطوائف حيث الصراع بين الشيعة والسنة، وبلغ الأمر حد النصارى كما حصل في الكنائس، إضافة لما يحصل في أفغانستان وباكستان وغيرهما، ولأن تلك السياسات الغربية من مصلحتها بث الفتن القومية والطائفية لإضعاف العدو المفترض، وتسهيل السيطرة عليه وقيادته والتلاعب به؛ لذا فقد انتشرت هذه الفتن في البلاد التي قد تدخَّل فيها المحتل، ولكن ما أن يخرج من بلاد حتى يلتف أبناؤها ضد العنصرية والطائفية.
وقد كان من آثار تصاعد الأصوليات وتصارعها الكثير من الكوارث الإنسانية؛ حيث الحروب والدماء، إضافة لنكوص البعض إلى رد الفعل المتطرف في الجهة المقابلة نحو الإلحاد، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الكاتب (طارق علي) في كتابه (صراع الأصوليات) حيث اعترف قائلاً: (وتجنّباً لأي سوء فهم، لابد لي أنْ أعترف بالآتي: المعتقدات الدينية لم يكن لها أي دور في حياتي الخاصة، فقد كنت لاأدرياً منذ الخامسة أو السادسة من عمري، وعند بلوغي عامي الثاني عشر، صرتُ ملحداً مخلصاً وظللت كذلك منذئذ، على غرار الكثير من أصدقائي الذين كبرتُ معهم، ولكنني ترعرعتُ في هذه الثقافة التي أغنتْ حياتي، من الممكن جداً إذن أن يكون المرء جزءا من ثقافة معينة بدون أن يكون مؤمناً بالله)، وهذا دليل على أن التصارع بين الأصوليات من جهة قد ينفر البعض إلى الجهة الأخرى حيث الإلحاد، في حين أن الوسطية والاعتدال هما المطلب، فقد رأينا بأن القوميات والأديان وجميع الاثنيات تعايشت مع بعضها بسلام في بلاد الإسلام بشرط عدم تدخل اليد الخارجية، ومن أكبر الأدلة اليوم على ذلك أننا نجد في الغرب تعايشا سلميا وحضاريا بين مواطنيها والمقيمين على أراضيها مع تعدد أجناسهم وتنوع معتقداتهم ومع ذلك لم يحصل أي تصادم أو تصارع بينهم، وعليه فهل الإنسان الذي يعيش في الغرب يختلف عن الإنسان الذي يعيش في غيره، أم أن من واجبه في الغرب أن يتعايش مع الآخر، ومن حقه أن يعتقد ما يريده وينتسب إلى قوميته وبلا أي مصادرة؟ في حين أنه في الوقت نفسه لا يمكن أن يحصل هذا في البلاد الإسلامية اليوم بزعمهم وبسبب تدخلهم، ولذا فهذا دليل على أن الأيادي الخارجية المثيرة للفتن والمغذية للأصوليات والمحرّضة للتصادمات، والدافعة للصراعات هي السبب، ولكن من الموضوعية ألا نتهم الغرب دون غيره، فهناك الكثير من الدول تقوم بهذا الفعل كإيران وغيرها، وذلك إما لتصفية حسابات تاريخية وثارات قومية، أو لقصد إضعاف الخصم والسيادة عليه لمكاسب سياسية.
وهنا يحق لنا التساؤل عن السر وراء تصعيد حركة الأصوليات الدينية، وهل هي دفاع عن الدين أم أداة لمشروع الشرق الأوسط الجديد ومشاريع الغرب ضد المنطقة العربية والإسلامية؟
وللجواب عن هذا السؤال نحتاج لرصد دقيق وتحليل عميق بلا تهوين ولا تهويل، وذلك للوصول إلى حقيقة الظاهرة والأسباب الدافعة لها ومن يقف وراءها، والعلاج الممكن تحقيقه، ولا يعني أن نرمي بتقصيرنا وأخطائنا على الغير، ولكن يجب أن ندرك بأنه من الواجب علينا أن نبادر في الوقاية قبل العلاج، وقدرنا أن نعالج جراحنا بأيدينا، وبدلاً من أن يقوم المجتمع الدولي بالمساعدة إذ به في أحسن الحالات يقف متفرجاً إن لم يكن موقداً للحطب؛ حيث إن هناك دولا معروفة تشارك في إشعال النيران الأصولية لمصالح سياسية كإيران، في حين أن هناك دولا أخرى معروفة تشارك في إطفاء النيران الأصولية ولمصالح سياسية أيضاً كتركيا، وكأن الملعب العربي والإسلامي أصبح حلالاً للبعيد وربما المشبوه ، ومحرماً على القريب وصاحب الدار المخلص الأمين..

من يقف وراء تصاعد الأصوليات في العالم ؟

    امتداداً لما ذكرته في مقال الثلاثاء الماضي (الخوف من الإسلام وتصاعد الأصوليات في العالم)، فإنه لابد من معرفة الذين يقفون وراء تصاعد هذه "الأصوليات" الراديكالية، ولو رجعنا إلى الوطن العربي والإسلامي وخصوصاً الشرق الأوسط لوجدناه خلال القرون الماضية بلا أصولية متصاعدة فضلاً عن أن تكون متصارعة، ولكن اختلف الأمر عندما قامت الحربان الباردة والساخنة بين الأصولية الرأسمالية الغربية، والأصولية الشيوعية الشرقية، فتم النفخ في نار بعض الأصوليات الإسلامية التي كانت شاذة ومنبوذة بين المسلمين، وذلك لقصد توظيفها ضد المعسكر الأصولي
ليس من العقل والحكمة أن نرمي بأخطائنا على الغير، خصوصاً إذا كان هذا الآخر عدوا مشتركا ولا يهمه ظُلمنا ما دام الثمن من دمائنا وأرواحنا ومصالحنا، وإنما يجب أن نلوم أنفسنا ونعود إلى ذواتنا، ولا يمكن ذلك إلا بعد أن نعترف بأن عدونا قابع في داخلنا، وقبل أن نحارب شياطين الخارج فعلينا أن نتعقب شياطين الداخل القابعين في ذواتنا، ولن ننجح في مواجهة الخارج قبل أن ننتصر على أنفسنا.

الاشتراكي، ومن الحروب الساخنة ما حصل في أفغانستان، حيث إن ما يعيشه العالم خلال العقدين الأخيرين يعود في كثير منه إلى آثار تلك الحرب في أفغانستان، لكونها نفخت الأصولية الإسلامية حول العالم وجمعتها من بلاد المسلمين لهدف غربي، ثم بعد انتهاء المهمة تم تجاهلهم بل والسعي في إقصائهم وحربهم، ومن ثم تّم توظيفهم من بعض القوى لأجنداتها، كما حصل في الشيشان وغيرها كذلك، بحيث نجد أن هناك حقوقاً إنسانية لبعض الشعوب ولكن يتم دعمها لأهداف سياسية وذلك بدعم الأصوليين ولو كانت المواجهة غير متكافئة وتسبب الكوارث على تلك الشعوب التي يتم استغلالها بانتهازية لحساب أصوليات سياسية غربية أو شرقية، وقد عرف الجميع كيف كان المقاومون الشيشان يُدعمون من الغرب، وكذلك من بعض المتنفذين في روسيا لأهداف سياسية، ما يعني أن الأصوليات المنبوذة في تلك المجتمعات قد تم تسمينها ضد مصالح شعوبها ولمصالح من يقوم بدعمها واستغلالها بكل انتهازية وبلا أخلاق إنسانية، وعند الانتهاء منها يتم تصفيتها والقضاء عليها وفي أحسن الأحوال يتم تجاهلها لتبحث تحت ضغط الغربة عن ممول وموجه آخر بزعم تقاطع مصالحها معه، ومن ثم يأتي من يرمي التهمة على الإسلام والمسلمين وأنهم أصوليون ومتطرفون وإرهابيون!
وكذلك ما حصل في بعض البلاد العربية من دعم للأصوليين للوقوف أمام المعارضين لهم من اليساريين والقوميين والإسلاميين الوسطيين، وهكذا نجد في مجموعة من البلاد الإسلامية أنه يتم صناعة الأصوليات المتنوعة حسب المواصفات والمقاييس للنظام الحكومي وإقصاء الإسلام الوسطي المعتدل المتسامح، وذلك لتحقيق مصالح الأجندة السياسية للنظام، وسواء أكان الداعم من الداخل كنظام دولة، أم من الخارج لتسليطه على النظام، في حين أن الغالبية العظمى من العرب والمسلمين مستقلون ومعتدلون، وهم أول من يشكو ويتضرر من هذه الأصوليات التي نشأت ودعمت بيد أنظمة غربية وشرقية وأدواتهما المحلية، وبدلاً من أن يكون الدين مسالماً ومتسامحاً كما هي الحال عند عدم التدخلات؛ إذ به يتم توظيفه ضد الدين نفسه وأهله المعتقدين له، وذلك لأجندات غير إنسانية، وإن جاء تنظيم القاعدة على رأس هذه القائمة حين أصبح قميص التضليل في كثير من البلاد العربية لتغطية عمليات التفجيرات والاغتيالات وحتى التصفيات السياسية؛ إلا أن هناك جماعات يمينية في داخل تلك البلاد تقوم وفق أجندة مشبوهة لتحقيق أهداف سياسية في مصارعات فكرية وسلوكية وإرهابية بالوكالة عن الغير.
والدليل ما نجده اليوم من بعض الدول حيث تدعم بخفاء أصوليات متعددة مثل تنظيم القاعدة الذي أجمع السعوديون والعرب والمسلمون على كونهم (فئة ضالة)، والسعودية هي أكثر دولة تضررت منهم، وأكبر دولة واجهتهم وتصدت لهم وأفشلت مخططاتهم الداخلية والخارجية وبشهادات عالمية، وذلك بحرب مزدوجة وقوة ناعمة آتت أكلها بفضل الله تعالى ثم بفضل السياسة الحكيمة للدولة السعودية، وقد هوجمنا بهذه العمليات الإرهابية مع أننا بلادُ الحرمين وجزيرة العرب، وأصحاب لغة القرآن الكريم ومنطلق الإسلام والمطبقون للشريعة الإسلامية، فإذا كانت دولة الحرمين تلقت كل هذه الحروب الأصولية من قبل الفئة الضالة وهي رأس الأمة الإسلامية والعربية فكيف الحال بغيرها، بل نجد بأنهم قد ركزوا على هذه البلاد أكثر من غيرها، ما يعني أن هناك من يغذيهم ويوجههم ولو ضد نظرياتهم المتطرفة، وهذا دليل على أن هذه الأصوليات تتلاشى عندما لا يتم دعمها، ولكنها لا تنشط إلا عندما يتم استغلالها من أجهزة مخابرات لتحقيق أجنداتها، ولذا رأينا بأن القاعدة تنشط في عدة دول ومحمية ولها علاقات مع بعض الأنظمة، ما يؤكد الدعم المشبوه لهم، والغريب في الأمر أن من يدعمهم ليسوا من نفس عقيدة القاعدة وإنما من طوائف وقوميات أخرى ربما تكون القاعدة ضدها من الناحية النظرية إلا أن انتهازية الفئة الضالة لا تعجز عن تبرير ضلالاتها تحت الشعار الميكافيلي "تقاطع المصالح"، مع أنها تحقق مصالح الداعمين أولاً، ولذا رأينا كيف نشطت القاعدة في العراق وبدعم خفي من أجهزة خارجية، وكذلك في اليمن وإيران وباكستان وغيرها، وكل هذا يدل على أن الأصوليات الإسلامية على ندرتها وشذوذها إلا أنها منبوذة من المسلمين، ومدعومة من أعدائهم الانتهازيين.
ولذا كلما رأيت أصولية ناشطة ففتش حينها عمن يقف وراءها، لأن الأصوليات ضد الفطرة الإنسانية والأخلاق البشرية، وكما عاشت الأثنيات في أوروبا وأمريكا اليوم، ومن قبل في بلادنا العربية والإسلامية؛ فلماذا إذن لا يمكن أن تعيش اليوم مع بعضها في بلاد العرب والمسلمين، لولا أن هناك من يغذيها ويوجهها نحو تحقيق أجنداته؟
ونشاهد اليوم الفتن القومية والدينية والطائفية والمذهبية تنتشر بسبب انتشار الحركات الأصولية التي لبست لباس السياسة والثورة الحالية في الشعوب العربية، فنجد مثلاً أن هناك ثورات شعبية عامة وغير أصولية كما حصل في تونس ومصر وغيرهما، في حين أننا رأينا كيف تم انتهاز الفرصة من قبل حركات أصولية في بلاد أخرى لتحقيق أهداف فئوية وليست لعموم الشعب، ومن ذلك ما حصل في مملكة البحرين؛ حيث تم تغذية الأصولية الطائفية وذلك عبر أحزاب وتنظيمات دينية، ولتحقيق أجندات مذهبية وخارجية، ولذا شاهدنا في الوطن العربي أمراء في داخل الدول، وذلك كدويلات طائفية في داخل الدولة الوطنية كحزب الله في لبنان وأمثاله، وتجد أن كل أمير طائفي يتلقى موازنة إمارته الموعودة من قوى خارجية تعتمده كطابور خامس في قلب أمتنا العربية والإسلامية، كما رأينا القومية الكردية بأجندة خاصة نحو إقامة دولتها الموعودة، وظهر كيف تدخل الفرس من جهة والترك من جهة أخرى في قضايانا العربية، ولكن الفارسيين كانوا بطريقة عسكرية بالوكالة، والأتراك بطريقة سياسية بالمباشرة، وكأن مرابعنا العربية كلأ مباح لكل من هب ودب إلا لأهلها وذويها الذين تم اختطاف بعض أبنائها لتنفيذ تلك الأجندات، وكل مشكلة وراءها من ينفخ فيها، وفي الغالب هم من خارج حدودها، وعليه فاللوم على النافخ وليس على المنفوخ فقط، والأصوليات في غالبها لا تتحملها الأديان وإنما السياسات التي تغذيها لتستغلها بواسطة الفوضى الخلاقة بتوجيه الانتهازية الخارجية، والفوضى البنَّاءة بتنفيذ الأصولية الداخلية.
ولكن ليس من العقل والحكمة أن نرمي بأخطائنا على الغير، خصوصاً إذا كان هذا الآخر عدوا مشتركا ولا يهمه ظُلمنا ما دام الثمن من دمائنا وأرواحنا ومصالحنا، وإنما يجب أن نلوم أنفسنا ونعود إلى ذواتنا، ولا يمكن ذلك إلا بعد أن نعترف بأن عدونا قابع في داخلنا، وقبل أن نحارب شياطين الخارج فعلينا أن نتعقب شياطين الداخل القابعين في ذواتنا، ولن ننجح في مواجهة الخارج قبل أن ننتصر على أنفسنا، ويجب أن نعزم على تدارك تقصيرنا المؤسسي وضعف إعدادنا الاستراتيجي، وليس كل ما نحسبه نصراً للدين هو كذلك، فقد يكون الدين هو أول من يقاوم هذه الأصولية وذلك لكون تصاعدها ومن ثم تصادمها فتصارعها هو المعين على تفتيت اللحمة وتفريق الأخوة وتشتيت المحبة بين أبناء الوطن الواحد فضلاً عن أن يكونوا من دين واحد وقومية واحدة ومصالح مشتركة.
وأخيراً، أسأل الله أن يعم الأمن والسلام والحرية والعدل جميع البشر في كل العالم..