الجمعة، 11 مارس 2016

إنتا حرامي..واحنا منّك نتألّم !



كتبها..صالح جريبيع الزهراني 

عندما أكون أنا الماثل أمامكم موظفاً حرامياً مرتشياً..خائناً لأمانتي وديني ووطني في أي قطاع من القطاعات..فأنت كإنسان نظامي..سواءً كنت صاحب عمل أو كنت مراجعاً لإنجاز عمل..أو كنت زميل عمل..قل لي بالله عليك..ماذا أستفيد منك ؟! 
لا شيء في الحقيقة. 
بل أنت بالنسبة لي إنسان(نشبة) (حقنه) (طالع عليَّ بخسارة) (وواقف في حلقي)كالغصّة..ومصدر خطر وتهديد بالنسبة لي..فلا تستغرب أخي النظامي إن (جننت أهلك) بالنظام ما دمت(مسوي لي شريف)وسأعطلك وأعطل مصالحك ما استطعت..ولن أخدمك إلا بعد (طلوع روحك) أو(طلوع قروشك)..وسأحاربك وأكيد لك إذا كنت زميل عمل..حتى تذعن وتصمت وتشارك أو تنقل إلى مكان آخر بعيداً عن( الدراهم..القروش..الزلط..الفلوس).

لكن إذا كنت حرامياً مثلي فأنت(حبيبي) ومصدر دخل إضافي لي..وباب رزق ممتاز..وشريك عمل رائع..تمسك لي وأقطع لك..(وتنفّعني وأنفّعك)مثلما يقول أخوتنا المصريون. 

وسأحكي لكم الآن بعض قصصي أنا الموظف الحرامي الماثل أمامكم..لعلكم تتعلمون مني بعض أساليب الحرامية فتفيدون وتستفيدون طالما أن العقوبات التأديبية عبارة عن (شوية)أوراق أو حسومات لا تذكر من الراتب أو كف يد أو إعفاء أو فصل هو بمثابة مكافأة لكم وإجازة وتقاعد قبل التقاعد..وطالما أن الغرامات خمسة آلاف وعشرة آلاف ولا تعادل حتى قيمة (نصبة) واحدة..وطالما السجن مجرد أشهر قليلة..لا تساوي الملايين التي ستنهبونها..لكن لو تغيرت العقوبات إلى خيانة وطنية وقطع رؤوس وجلد(وتأبيدة)في السجن فإنني أنصحكم بمسح رسالتي هذه وأنا بريء مما تفعلون..اللهم بلغت اللهم فاشهد. 

بدأت حياتي العملية في البلدية..وكنت مرتاحاً جداً..وكونت معظم ثروتي هناك.
فعندما كنت مراقباً كنت (أطقطق) على المحلات والورش والمطاعم والحلاقين والجزارين وغيرهم..وأقبض المعلوم في كل زيارة حتى لو وجدتهم يبيعون لكم لحم (البساس) أو يحلقون رؤوسكم(بالمحش) أو يوظفون طباخاً مصاباً بجميع الأمراض..فبطونكم ورؤوسكم وصحتكم ليست أهم من جيبي بصراحة..ولا تتوقعوا مني القيام بإغلاق مصدر رزقي.  
نقلت بعدها للقسم الهندسي في البلدية..وعيونكم ما تشوف إلا النور..أجمل أيام مرت عليَّ في حياتي..أصبح دخلي بالملايين..مشاريع وهمية ومشاريع شبه وهمية..إسفلت ورصيف وإنارة ونظافة وتشجير وحفر ودفن ومقاولين(حرامية طيبين)(شروى من عندي) لا يطلبون منك أكثر من التوقيع على استلام(خويشهم) المسمّى مشروعاً.
ومخططات عشوائية..وأراضي خدمات وحدائق ومساجد وسواحل يتم التطبيق عليها..وهوامير وسفريات ومشالح وفنادق وخرائط ذهبية(وبلاوي)..(أزحلقها) (فتتزحلق)الملايين إلى حسابات زوجتي وبنتي وجدتي وبنت عمة خالة جدتي وغير ذلك من الحسابات التي ليست باسمي..لأنني ذكي(برضه)..وأنصح الحرامية مثلي بالحسابات النسائية بالذات..لأنها في الظل..ولأن المرأة لا تستطيع أن (تفقع)بملايينك من البلد بسهولة. 
وفي هذه الجزئية سأنصحكم بنصيحة غالية جداً وهي المحافظة على استمرار المخالفات بكل إمكانياتكم في كل مكان وعدم معالجتها..لأن المخالفة هي منجم الذهب بالنسبة لكم..خاصة الأحياء العشوائية..فكلها(بركة)..محلاتها وعمائرها ومشاريعها وسكانها..وكنا ندخلها خماصاً ونخرج منها بطاناً من كثرة المخالفات فيها. 

وعندما شبعت وطلعت(ريحتي)نقلوني إلى الإدارة المالية..وفي الحقيقة أن الإدارة المالية ليست مغرية كثيراً..لكن أيضاً فيها الخير والبركة للحرامية المحترفين..خاصة فيما يتعلق بترسية المناقصات وتسريع تسليم المستخلصات..مع بعض الهدايا القليلة عند كل شراء..وبعض التذاكر المجانية. 

بعدها سنحت لي فرصة النقل للجمارك..وكان العمل هناك سهلاً جداً..فجميع البضائع المغشوشة وقطع الغيار المقلدة والمستحضرات المسمومة والأغذية الفاسدة التي ترونها تغرق السوق اليوم مرَّت من تحت يدي بكل فخر..وكنت أفسح البضاعة وأنا في مكتبي..والختم بألف ريال(والحسابة بتحسب)..طبعاً لا أخفيكم أن ضميري (اشتغل)قليلاً في الجمارك فكنت أمنع المخدرات والمسكرات..ولا أدري لماذا؟!علماً أنها مربحة أكثر ويمكن تمريرها..عموماً..كشفوني بسرعة في الجمارك وعاقبوني بإنذار..فانزعجت(وطاح وجهي)من الإنذار فنقلت للصحة. 

في الصحة..أنصحكم بالعمل في مستودعات الأدوية..حيث كنت أبيع الأطراف الصناعية والأدوية الحكومية لعصابات تصدرها خارج المملكة..خاصة أدوية الضغط والسكر..وأوقع على أوامر صرف للمستشفيات والمستوصفات الداخلية أو محاضر إتلاف لانتهاء الصلاحية(ولا من شاف ولا من دري).

لم يطل بي المقام في الصحة فتنقلت في العديد من القطاعات الحكومية المدنية والعسكرية ووجدت عندهم خيراً كثيراً..مثلهم مثل غيرهم..(وعينت خير)..وأذكر أنني عندما كنت في مصلحة الزكاة والدخل كنت(أساعد)رجال الأعمال بالتغيير قليلاً في قوائمهم المالية ونزع صفر أو صفرين من المليار لتخفيض نصاب الزكاة..وكانوا(ما يقصرون)معي. 

حاولت النقل للقضاء..لكن شهادتي في الشريعة لم تكن من جامعة الإمام..ونصحني بعض الأخوة بالابتعاد لأن المنافسة هناك شديدة جداً..وأن الجنّ دخلوا على الخط واستولوا على جزء كبير من الكعكة..ولا أعلم صحة معلوماته هذه..لكنني انصرفت عن القضاء. 

الآن أنا متقاعد وأعمل مديراً متطوعاً لجمعية خيرية..وأستغل اسمها في جمع التبرعات من بعض رجال الأعمال والعجائز..فأصرف ربعها وآخذ الثلاثة الأرباع المتبقية من باب العاملين عليها. 

وأخيراً..هناك نصائح ذهبية لتكون حرامياً لامعاً في المستقبل بإذن الله..وهي: 

1- حاول أن تعطل كل شيء لأي سبب..حتى يتم دهن سيرك.
2- تجنّب التعامل مع السعوديين..لأن أكثرهم(مسوين نظاميين)ولن تجد منهم إلا التعب والفقر. 
3- اعمل بقدر ما تستطيع إن كنت مسؤولاً على تعطيل تغيير أو تحديث الأنظمة..خاصة نظام المنافسات الحكومية الذي يعتبر في صورته الحالية كنزاً لأي حرامي..وكذلك أنظمة العقوبات والغرامات فهي متراخية معنا جداً نحن الحرامية وتحمينا أكثر مما تديننا. 
4 - حارب السعودة ما استطعت..لأنه كلما زادت فرصة السعودي كلما قلّت فرصتك في السرقة.
5- حاول أن تنقل للمدن الكبيرة لأن مدن الأطراف فرصها محدودة ومشاريعها قليلة..وإذا أتيح لك العمل في الوزارة نفسها فهو أفضل بكثير..وستكبر لقمتك كلما كبرت وظيفتك. 
6 - لا تتوقف عن الحديث عن الأخلاق والقيم والمبادئ مع زملائك الموظفين لتبعد عنك الشبهات..ومع زملائك الحرامية لتكون حرامياً ظريفاً صاحب نكتة.
7- موضة اليوم هي حلق اللحية والشنب وإطالة الثوب لتحظى بالثقة..لأن موضة إطالة الذقن وتقصير الثوب انكشفت. 

تحياتي لجميع الحرامية

صالح جريبيع الزهراني
كلام ف الصميم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق