الأحد، 23 أكتوبر 2011

الفؤاد -- القلب -- العقل ... من يحكمهم !!








لو أنك استوقفت شخصاً ما، وسألته أين قلبك فسيشير فوراً إلى (جنانه)، ويقول لك هذا هو قلبي، ولكن هل تبادر إلى أذهاننا يوماً ما، ما هو الفرق بين كلمة القلب و الفؤاد، لا أظن ذلك فالناس غالباً لا تدرك معاني الألفاظ.

و الآن وبعد هذه التساؤلات، دعوني ألقى بعض الضوء على ما اكتشفته في الآونة الأخيرة، وكان ذلك عندما كنت أقرأ في القرآن الكريم، و توقفت عند قوله تعالى: ((أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)) الحج 46، 

وسألت نفسي هل وظيفة القلب أن يعقل الأشياء أم أنها وظيفة العقل، عندها قررت أن أبحث في آيات القرآن الكريم باحثاً عن الفرق بين معنى القلب و الفؤاد.


وقد تبين لي من بعد التدقيق بأن القلب في القرآن الكريم يشير إلى العقل، والفؤاد يشير إلى مركز الأحاسيس فينا، و إليكم الأدلة، و أرجوا من القراء الآن أن يضعوا كلمة القلب بمعنى العقل في أذهانهم و سترون الاختلاف:

1 - الدليل الأول: ((أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ))الحج 46، وظيفة القلب العقل.

2 - الدليل الثاني: ((وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ )) القصص 10، الفؤاد هنا مركز المشاعر فأم موسى أنفطر فؤادها على وليدها الصغير وكان الربط وظيفة القلب بمعنى العقل الذي ضبط المشاعر و الأفعال لأنها كانت ستذهب إليه، ونحن نعلم دقة القرآن الكريم في استخدام الألفاظ و الدلالات اللغوية.


3 - الدليل الثالث: ((وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)) الكهف 22، وغفلة القلب هي غفلة العقل وعندما يغفل العقل تنشط الشهوات بغير رقيب و لا حسيب و الله أولاً و أخراً عُرف بالعقل.


4 -الدليل الرابع: ((رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ)) النور 37، عندما تقوم الساعة ستتغير الأفكار التي كانت متبناة في العقول من قبل الكافرين الذين رفضوا فكرة الحساب و الجزاء يوم القيامة.


5 - الدليل الخامس: ((يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ )) الشعراء 89، سلم عقله من الكل الأفكار المنحرفة التي تنادي بإنكار البعث أو عبادة الأصنام أو عبادة الطغاة و التعلق بهم وظن أن العزة لديهم، وسيدنا إبراهيم عليه السلام أتى الله بقلب سليم أي عقل سليم فلقد رفض أن يعبد حجارة لا تضر و لا تنفع، و القرآن الكريم مليء بالحوارات التي كان يناقش بها سيدنا إبراهيم عليه السلام الكافرين.


6 - الدليل القرآني السادس و الأخير: ((يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا )) الأحزاب 32، عقله مريض يبحث عن شهوة كما كثير من الشباب اليوم الذين مرضت عقولهم، فمجرد ابتسامة من فتاة له تعني في عقله أنها لا تطيق العيش بعيدة عنه، ولو تكلمت معه فيا لطيف، فبمجرد الكلام أضحت تريده، أصلحهم و أصلحنا الله.


و أخيرا أقول حديثاً قرأته عن الرسول (ص): حدثنا سليمان بن حرب عن وابصة بن معبد الأسدي أن رسول الله ( ص ) قال: (( لوابصة جئت تسأل عن البر و الإثم قال قلتُ نعم، قال فجمع أصابعه فضرب بها صدره وقال استفت نفسك استفت قلبك يا وابصة ثلاثاً، البر ما اطمأنت إليه النفس و اطمأن إليه القلب، و الإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر و إن أفتاك الناس و أفتوك )) سنن الدارامي 2421، فالقلب بمعنى العقل هو الحاكم الأول و الأخير على ما يعرض على الإنسان من أفعال يجب عليه القيام بها من شر و خير، وأقول لربما يخطر في بال القارئ السؤال التالي:
إن كنت تقول بأن القلب هو العقل فكيف تفسر كلمة الصدور و أين يقع الصدر في الإنسان.


أقول إن كلمة صدر حسب ما أفهم تعني مقدمة الشيء، فمثلاً نقول صدر الإسلام، أي مقدمته وبدايته في عصر الصحابة، أو صدر السيارة، وصدرها في المقدمة، وتصدر القوم أي مشا في مقدمتهم، وعلى هذا فالصدر يقع في جبهة الإنسان التي يتوضع فيها عقله، لأنها مقدمته، و المنطقة التي نطلق عليها كلمة الصدر هي منطقة الجزع.


وفي الختام أيها الأخوة أردت من حديثي أن ألفت النظر إلى قضية هامة، فالله سبحانه وتعالى يعلمنا الأشياء الصحيحة كما في قوله تعالى: ((مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ )) الأحزاب 4، و المفسرون للآية الكريمة يقولون بأن الرجل كان إذا أراد أن يطلق زوجته يقول لها أنتِ علىَ كظهر أمي و الله يقول بأنها لن تكون أمه و بأن اليتيم الذي تكفله لن يكون ولدك فنحن نقول بأفواهنا ولكن الله يقول الحقيقة الواقعية فكل شيء عنده بمقدار، وفي النهاية أرجوا أن أكون قد أفدت القراء بهذا المقال، وأقول إن هذا رأيي فإن أخطأت فمن نفسي و إن أصبت فمن الله و رسوله، وفوق كل ذي علمٍ عليم.
قرآن الكريم    الأربعاء يوليو 27, 2011 11:00 pm
منقول للفائدة
اختكم حفصة الخير
http://elr7ma.gid3an.com/t743-topic

**********************************
تذكروا دوما :

 ان التحليل اللغوي ليس هو التحليل القراني لان اللغة خادم للقران وليس العكس
و وعاء له وبالتالي توافقهما مع بعض بتقدير من الله هو من ساعد على توافق علماء اللغة مع علماء التفسير






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق